الخلية الجذعية النخاعية - بحسب علمي - تم اكتشافها مؤخراً وتقع في البطانة الداخلية للدماغ، ومن ميزاتها أنها تقوم على إنتاج العديد من الخلايا الجذعية النخاعية الأخرى والتي تزوّد الجسم أو تنتج كريات الدم الحمراء والبيضاء على حد سواء، وقيل إنّ عدداً من التجارب قد أُجريت مؤخراً لدراسة إمكانية علاجها لبعض الأمراض المستعصية كمرض باركنسون والزهايمر.
وهي تتكاثر أو يتم تنامي إنتاجها بشكل أكبر عند الذكور. والغريب في الأمر أنّ تلك الخلايا قادرة على التحوُّل إلى خلايا عادية في أجزاء متفرقة بالجسم، أي لديها قدرة بالغة على التحوُّل السريع، إلاّ أنني لا أستطيع تأكيد جميع ما سبق بحكم قصر مدة الاختبارات التي تم إجراؤها من ناحية، ومن ناحية أخرى أنّ معظم التجارب قد تم إجراؤها على حيوانات (أكرمكم الله) ويبقى الكثير من الوقت لتأكيد تلك الاستنتاجات، قبل أن يتم الإعلان عنها بشكل رسمي.
ومن المتفائلين من ذهب بالقول إلى أنّ الخلايا الجذعية الدماغية STEM CELLS أو ما يُطلق عليها بخلايا الترميم، ذهبوا للقول بأنها منجاة الجسم القادمة، حيث إن لها القدرة على ترميم الجسم ومعالجة عدد من الأمراض، بحكم قدرتها على التنقل والتحوُّل، كما وقدرتها على دمج نفسها بالنسيج المستهدف والتحوُّل للنوع الصحيح من الخلايا. وتظهر هذه الخاصية المعروفة باسم (الترقع) إمكانية استخدام الخلايا الجذعية علاجياً قبل فهم سلوكها كلياً. يعني باختصار إن تم تأكيد تلك الإمكانيات والوظائف للخلايا الجذعية، فإنّ ذلك سيكون حدثاً عالمياً وابتكاراً علمياً غير مسبوق لما لتلك الخلايا - كما أسلفنا - من قدرات خارقة في علاج كثير من الأمراض أو تعويض كثير من أنواع الخلايا، إضافة لقدرتها على إنتاج كريات الدم.
هذا الحدث إن تم فعلاً سيكون له تأثير كبير جداً في العلاج الطبي، لكن ماذا عن إمكانية تأثيره في علاج كثير من التصرفات التي تحتاج للعلاج الجذري. هل نستطيع ضخ تلك الخلايا أو تحفيز نموها وتكاثرها لدى الأفراد العاديين للتخلص من بعض التصرفات غير اللائقة؟ سؤال لا بد من طرحه على المختصين لحاجتنا لعلاج كهذا، بعد أن فشلت المحاولات العادية لإصلاح حال الكثير وتقويم أحوال الآخرين. هل يمكن لنا من خلال هذا الكشف العظيم أن نصلح الاعوجاج الحادث بين ما نقول وما نفعل، فنحن أعزائي أكثر مَن نقول الشيء ولا نفعله. نحن شعب غريب الأطوار والطباع، نفعل كل شيء عدا ما نقول، نأكل كل شيء إلاّ ما نحب، نؤمن بجميع المبادئ الحسنة ولا نفعل منها إلا القليل إلاّ من رحم ربي. ننادي بشعارات كبيرة وضخمة وذات مدلولات إنسانية عظيمة ونأتي بخلافها من تصرف وأفعال. وقد قال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( الآية. وهذا ينطبق حتى لا يصبح كلامي معمماً ينطبق على كثير إلاّ من رحم ربي فنحن أكثر من ننادي بضرورة نبذ الواسطة وعدم التعامل بها واستخدامها وإفراد مساحات كبيرة في جميع وسائل الإعلام للتنظير في أوجه ضررها في الوقت الذي نقوم باستخدامها في جميع تحركاتنا ومصالحنا، نحن أكثر من ينادي بضرورة تطوير مناهجنا الدراسية في التعليم العام أو العالي لتتناسب مخرجات التعليم مع احتياج السوق متأبطين مبدأ ارتباط الوظائف المستقبلية بالمهن التخصصية، ونحن في الواقع أكثر من يحرص على تسجيل أبنائنا في الجامعات حتى لو كانت التخصصات الدراسية نظرية بحتة غير مرتبطة بحاجات السوق. نحن أحبائي أكثر من ينادي بضرورة تيسير تدفق رؤوس الأموال إلى البلاد وأكثر من يضع العراقيل البيروقراطية أمامها. نحن أكثر من ينادي بضرورة إيقاف الهجرة من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة ونقوم بشرح أضرار ذلك ونتائجة في كل مناسبة في الوقت الذي لا نوفر جهداً في المساهمة بذلك، من خلال أنظمة بيروقراطية لا تفرق في التوظيف بين ساكني تلك القرى والمدن الكبرى، إضافة إلى أننا نقوم نحن بتيسير تلك الهجرة لأقربائنا. نحن أكثر من نقوم بمحاولة إظهار تمدننا من خلال التنظير في ضرورة فك ارتباط إعالة المرأة وضرورة إيجاد آليات من شأنها تيسير وتسهيل اعتمادها على نفسها في الوقت الذي نعارض فيه عملياً ذلك ونقف بوجهه وقفةً حازمة. نحن أكثر من يعترض على العادات والتقاليد البالية في كل محفل ومناسبة وأكثر من يطبقها واقعياً. نحن أكثر من يقول بضرورة تزويج بناتنا ممن نرضى خلقه ودينه دون النظر لجوانب أخرى كالنسب والحسب والمال، وواقعياً نحن أكثر من يرفض ذلك ويلفظه ويتباهى بالحسب والنسب. نحن من نقول إن الطبقية الاجتماعية قد تلاشت من مجتمعنا وأن لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى، وفي مجالسنا الخاصة نردّد هذا عبد وذاك لا أصل له. نحن أكثر شعب ننادي بضرورة الإقلاع عن التدخين ونُعتبر من أكثر دول العالم استخداماً له. نحن أكثر من يحرص على عدم كشف وجه المرأه وخصوصاً أمام من نعرف من جيران وأصدقاء، في الوقت الذي تكشف المرأة وجهها في الخارج وتستره عند مرورها بسعودي. نحن أكثر من شجّع ضرورة عدم اختلاط نسائنا بالباعة وخصوصاً عند شراء الملابس الداخلية وأكثر من وقف ضد مشروع تأنيث تلك المحلات. نحن أكثر من ينادي بضرورة المحافظة على النظافة في كل أوجهها ونحن من نفتح نوافذ سياراتنا لرمي كل ما بداخلها من بقايا طعام وشراب وسجائر في الطرقات والشوارع، نحن أكثر من ينادي بضرورة محاربة العمالة السائبة ونطلق حناجرنا مناديه بذلك، في الوقت الذي ينتشر بيننا وبعلمنا كثير منهم. نحن أكثر من ينادي بضرورة السعودة في الوقت الذي نرفض فيه العمل بحجة عدم مناسبته اجتماعياً. نحن أكثر من ينادي بضرورة المحافظة على أوقات الصلاة وأكثر من يستهتر بأوقاتها عند السفر للخارج. نحن أكثر من ينادي بضرورة تشجيع السياحة الداخلية ونأخذ كل مناسبة منبراً لنصح وإرشاد الآخرين، في الوقت الذي لا يحلو لنا قضاء الإجازة إلاّ خارج البلاد. نحن أكثر من يدافع عن الخدمات الصحية في بلادنا وضرورة عدم السفر خارجاً للحصول عليها، في الوقت الذي نقرأ ونسمع عودة معظمنا من الخارج من رحلة علاجية. نحن أكثر شعوب العالم مناداة لضرورة الالتزام بالقوانين عند قيادة السيارات وأكثر تلك الشعوب مخالفةً لها. نحن أكثر شعوب العالم نقداً لمنتجات الدول الأخرى فيما لا ننتج من ما ننقد شيئاً.
نحن أكثر شعوب العالم قولاً وأقلُّها فعلاً، فهل نستطيع توظيف الخلية الجذعية النخاعية على الأقل في تقليل ما نقول، أرجو ذلك.
dr.aobaid@gmail.com