أكاد أجزم أنه لا يخلو بيت عربي من صورة من صور العنف الأسري التي نتحدث عنها في مختلف وسائل الإعلام، والإنترنت، وكل من كتب استعرض فكرة العنف من خلال استعراض بعض الحالات من دون النظر إلى الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا العنف.
والتي يأتي على رأسها من وجهة نظري أمور أهمها برامج التحريض النسوية التي لا تكل ولا تمل ليل نهار من تحريض المرأة في مواجهة الرجل، باعتبار أن هناك معسكرا ذكوريا في مقابل معسكر أنثوي، وبهذا، تم تقسيم الأسرة إلى معسكرين متقاتلين، والسبب الأهم هو الأزمات الاقتصادية التي تواجه الأسر العربية بمختلف طبقاتها ومختلف انتماءاتها، الرجل لا يعرف معنى الرجولة في مفهوم احتواء المرأة والمنزل والأسرة بوجه عام، ولا المرأة تعرف واجباتها الحقيقية في احتواء مكامن الوجع في حياة الرجل ومعاناته اليومية، حتى وإن كانت المرأة تعمل ولها ارتباطاتها المقلقة ومعاناتها اليومية أيضاً، لكن هناك تبادل الأدوار في أوقات لابد أن يتم هذا التبادل حين يكون الاحتياج إلى حالة من حالات الاحتياج إلى الاحتواء.
يتناسى الكثيرون دور الأزمة الاقتصادية على مشاعر العنف المتبادل بين الرجل والمرأة داخل جدران البيت الواحد، فلا أكثر ما يشعر الرجل بالانكسار أمام زوجته إلا الحاجة المادية، والمرأة حتى لو تملك خزائن الأرض، إلا أنها تبقى أبداً في حاجة إلى إنفاق الرجل عليها وعلى البيت بشكل دائم، إلا بعض الحالات التي يكون بينهما اتفاق مسبق بأن تشارك المرأة، ولكن لو خيرت المرأة، لاختارت أن ينفق الرجل وحده، وتستأثر المرأة بكل مالها، إن كان لها مال، ولست أدري: ما سر هذا الجشع المادي لدى المرأة بوجه عام ولجوئها إلى الاستحواذ على كل ما تطوله يدها من أموال الرجل؟ واعتبار أن أي استنزاف للموارد أحد أهم حقوقها التي لا يمكن التنازل عنها، فتلجأ إلى استنزافه، بدافع القلق من اللجوء إلى مرفأ نسوي غيرها بزواجه من أخرى، وتواصل العنف بين الرجل والمرأة.
لكن العنف الآن لم يعد بين الرجل والمرأة فقط، بل أصبح بين الرجل والرجل، وبين المرأة والمرأة، وحتى بين الأطفال، تنامت أشكال العنف بصورة لابد من الوقوف بتأن لعلاجها من مختلف زواياها حتى لا تنفجر قنبلة العلاقات الأسرية بصورة عنيفة، مثلما هي كامنة عليه الآن، فتهز أرجاء المجتمعات العربية. فلا تصبح المرأة - برقّتِها- امرأة، ولا يصبح الرجل برجولته رجلاً، انقلبت كل النظريات الإنسانية في طرق التعايش السلمي داخل البيوت وخارجها؛ فالعنف تشكلت وتعددت صوره بشكل يتطلب وقفة جادة من الحكومات لمعالجة النواحي الاقتصادية المسببة للعنف من جهة، وللمؤسسات الاجتماعية لتكوين بيئة، وتهيئتها بصورة تمكن الأطفال والشباب من استبدال صور العنف الموجودة في كل مكان في البيت والمدرسة والعمل والشارع حتى عبر الإنترنت.. (إلحقونا) قبل أن تنفجر قنبلة العنف في وجوهنا فتأخذ في طريقها كل حضارة وكل عمران.. أغيثونا من هوس العنف في المجتمعات العربية التي هي في أمس الحاجة إلى كل حضارة وكل عمران.
Aboelseba2@yahoo.com