افتتن الناس بشعر الشاعر القصبي حميدان السياري الملقب حميدان الشويعر (تصغير شاعر) وكان الجيل الذي قبل جيلنا يردد أشعار الشويعر وإلى اليوم لازال الناس يستشهدون بشعره في كثير من المواقف؛ لأنه من السهل الممتنع الذي يسهل فهمه وحفظه لطرافته وظرافته.
|
ومثله جاء شعر الشاعر بندر بن سرور في زمن يحتاج إلى مثل شاعريته وشعره؛ وهو زمن النخوة ومصارعة القيود الاجتماعية المحكمة والقوية؛ فكان بندر بن سرور صحافة جيل كامل ووجهة نظرهم تجاه أشياء كثيرة يشاهدونها ولا يستطيعون ترجمتها بالشكل الذي يريدون؛ فجاء بندر بن سرور ليترجم لهم ذلك بشعر جزل سهل متماسك؛ يغري بحفظه والالتفات إليه.
|
وكان زمن حميدان زمن فلاحين وكادحين في الأرض بناء وزراعة وعشقا للإنتاجية المثمرة؛ فكان يصور أفلاما نشاهدها اليوم عن حياة مضت؛ ولك أن تتخيّل ابنه مانعا الذي يصفه وهو في مقصورته مع العذراء الجميلة وهو ممسكا ب(البربوره) أي الشيشة؛ وهي صورة تؤرخ لشيء لم نكن نعرف أنه كان موجودا عند النجديين آنذاك لولا بيت حميدان الشويعر الذي ذكر (البربوره) وهي النارجيلة أو الشيشة؛ ولكن حميدان لم يكن ليغفل عن نماذج مجتمعه؛ تلك النماذج التي عايشها وعرفها جيدا؛ فهذا رجل قميء جدا يصوّره حميدان؛ وذلك رجل شهم وكريم لا يسأل عما ينفق؛ وعكسه البخيل الجبان الذي يخاف من الحمّرة كما يقول حميدان.
|
والشباب عند حميدان الشويعر هو الشباب المنتج في أرضه؛ سواء في مهنة الزراعة أو الملح الذي عرفه مجتمع حميدان؛ أما غير المنتج فلا قيمة له عند الشاعر؛ ولذلك يرى أن خير زوج للفتاة هو المنتج الذي ترى أكفاف يده غير ملساء؛ لأنه يعمل بيديه وينجز عمله بكل خشونة؛ ويرى في المرأة صورة للشيطان وللخير وللشر وللحب والرخاء والفقر؛ أي أنها تجتمع فيها كل الصور؛ لذلك لديه عشرون امرأة تحدث عنها؛ لنا محاضرة عنوانها (المرأة في شعر حميدان) ستلقى في ملتقى الشويعر بالقصب إن شاء الله.
|
ولكن المحزن هو جاهزية التزوير على حميدان الشويعر وبندر بن سرور؛ لأن الشاعر المقروء يجد من يزوّر عليه بسهولة لينشر المزوّر ما يريد ويختفي خلف الشاعر؛ وكثيرا ما قرأنا أشعارا منسوبة من أحياء إلى شعراء متوفين؛ خاصة بندر بن سرور رحمه الله؛ وهو الذي زوّروا عليه كثيرا؛ لأن شعره وزخم طريقته موافقا لهذا العصر؛ فلا بد أن يستغل كذلك .
|
ماني ونا بندر ببياع دمه |
يقطعك يا بياع دمه وشاريه |
|
مانع خيّال في الدكه |
ظفر في راس المقصوره |
لا صاح الصايح من برّا |
تهايق هو والغندوره |
اليمنى فيها الفنجال |
واليسرى فيها البربوره |
|
هناك ندوة ستقام في مدينة القصب حول حميدان الشويعر وأثره الشعري في عصره وما بعده؛ وقد تمت مناقشة مجريات تلك الندوة التي اقترح فكرتها سعادة الدكتور عثمان المنيع؛ غير أن تحديد وقتها لم يتم إلى الآن بالضبط؛ فليت المشرفين عليها ينسقون وقتها ليكون موافقا لعطلة يكون فيها متسع من الوقت لما لهذا الشاعر من شعبية عند كثير من الأجيال؛ ولأن الحضور سيكون كثير كما أعتقد.
|
د . محمد أبو حمرا |
فاكس 21372911 |
|