Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/03/2009 G Issue 13303
الأحد 04 ربيع الأول 1430   العدد  13303
عشت كريماً ومت كريماً يا والدي
فهد عمر البلطان

 

في صبيحة يوم الخميس الموافق 3-2- 1430هـ فجعت، وفجع إخواني وأخواتي بفقد والدي الشيخ عمر بن جاسر البلطان، عن عمر يناهز التسعين عاماً،- رحمه الله تعالى- بعد معاناة طويلة من المرض امتدت لما يربو على سنوات سبع...

تسعون عاماً عاشها والدي غفر الله له ورحمه، وأسكنه فسيح جناته.. كانت مليئة بقصص الكفاح والنجاح، وبناء الذات انطلاقاً من الاعتماد على النفس..حيث بدأ مشوار حياته في العقار من الصفر معتمداً على الله أولاً، ثم على نفسه... ومتخذاً العصامية شعاره، والأمانة رايته، والصدق في التعامل أسلوبه... وبعدها بدأت الحكاية والأسطورة تتكون في عالم العقار، ليكون علماً من أعلامه، ورمزاً من رموزه...

تسعون عاماً من حياته عاشها عصامياً، أمينا، حريصاً على البذل والعطاء، وأعمال الخير بكل أنواعها... ومنها إنشاء الكثير من المساجد على نفقته الخاصة... والمساهمة في إنشاء البعض الآخر.. من دون أي ينسى هباته لأهله وذويه وأقاربه وغيرهم من المحتاجين والفقراء...

نعم انتقل والدي إلى رحمة الله وغفرانه، ولكنه خلف وراءه تاريخاً طيباً، حافلاً بالعطاء والنجاح، والثناء الجميل، والذكر الحسن، والسمة الطيبة...ترك وراءه إرثا طيباً من مكارم الأخلاق، أثقل أبناءه السبعة بحمله، ومتابعة السير على نفس الطريق التي سار عليها والدهم... وخاصة الأخ خالد (أبو الوليد) الذي لا يزال يعاني من ألم الفراق حتى كتابة هذه السطور، لأنه كان الأقرب إلى قلبه وعقله وروحه.... وكان مضرب المثل في بره بوالديه أحياء، ونحن نعيش معه لحظات بره بوالده ميتاً.. كنا ومازلنا نتعلم منه عملياً البر والإحسان للوالدين، والتطبيق الأمثل لقوله تعالى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} فجزاه الله خيراً، حيث إنه خير خلف لخير سلف.

نعم انتقل والدي الشيخ عمر بن جاسر البلطان إلى رحمة الله، بعد معاناة من المرض دامت ما يقرب ثماني سنوات جعلها الله له كفارة وتطهيراً في الدنيا قبل الآخرة ولكن عزاءنا الكبير في ذلك وما يخفف مصابنا هو هذه السمعة الطيبة، والذكر الحسن الذي أكسبه عمراً ثانياً، (فالذكر للإنسان عمر ثانٍ)...... حيث قلت لأحد تجار العقار وأعلامه في بلادنا (أبو هشام) عند حضوره للعزاء: (أرجو أن تحلل والدي وتسامحه لأن تعاملاتكم كانت كثيرة مع بعض) فرد على بكلام أعتبره شهادة لوالدي: (والله لا أجد شيئاً يمكن أن أبيحه أو أحلله عليه فلم أر ولم أشاهد منه إلا خيراً، كان صاحب بيع وشاء واضحين، صادقا في التعامل، وشديد الحرص على حقوق الناس والمال الحلال فلا تتعب نفسك، فوالدك نادر جنسه...).

رحمك الله يا والدي، وغفر لك ذنبك، وأسكنك فسيح جناته.. وجعلك الله ممن قال سبحانه فيهم {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}آآآآآمين... فقد عشت كريماً ومت كريماً يا والدي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد