كنت قد كتبت مقالة سابقة بعنوان (إلا التوعية لا موازنة لها) قلت فيها إن مؤسساتنا لا تهتم بالتوعية ولا ترصد لها الموازنات رغم أهميتها لأن نتائج التوعية غير ملموسة ماديا رغم أهميتها في ضبط المصاريف وتوفير الجهد والوقت والمال، وتمنيت على كافة الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص المساهمة في رفع درجة الوعي في مجالات نشاطهم الخدمي أو التجاري أو النفعي الرئيسي لكي تتراكم المعلومات والمعارف في أذهان أفراد المجتمع بمرور الزمن بما يشكل لديهم المواقف الإيجابية المفضية للسلوكيات المطلوبة والمنشودة.
قطاع التأمين عموما والصحي منه على وجه الخصوص قطاع اقتصادي جديد لم ينشط إلا في بدايات العقد الحالي، وبالتالي فإن ثقافة التأمين تكاد تكون صفرية لدى أفراد المجتمع السعودي ومنشآته ذات الصلة بالتأمين خصوصا الصحي الذي لا يمكن بحال من الأحوال -إلا ما ندر- ألا يصاب المؤمِن بمرض أو وعكة صحية أثناء فترة التأمين، إضافة إلى أن هذا النوع من التأمين يكتنفه الكثير من الشكوك حيث وجوب إجراء بعض الفحوصات من عدمه، ووجوب صرف بعض الأدوية من عدمها إلى غير ذلك من الأمور، وهو ما يشير إلى ضرورة تعاضد مجلس الضمان الصحي وكافة شركات التأمين العاملة لرفع ثقافة التامين، وكيفية الاستفادة منه دون الإضرار بسوق التأمين والمتعاملين فيه بما يعزز المستوى الصحي في البلاد.
مجلس الضمان الصحي يريد القيام بهذا الدور المهم والحيوي، لكن كما أشرت سابقا دون موازنة أو حتى المساهمة في الموازنة اللازمة لذلك، ودون خطة توعية مستمرة، علمت ذلك بعد أو وقع في يدي خطاب موجه من مجلس الضمان الصحي لإحدى الشركات العاملة في مجال الإعلام والتسويق يطلب فيه الأمين العام لمجلس الضمان الصحي الدكتور عبدالله بن إبراهيم الشريف من الشركة تقديم عرض لحملة إعلامية توعوية على مستوى المملكة عن التأمين الصحي التعاوني تستهدف جميع المقيمين وأرباب العمل والكفلاء للعمالة الفردية والسعوديين العاملين بالقطاع الخاص، ولا عجب في ذلك!!
والعجب في الفقرة التي تقول (علما أن مجلس الضمان الصحي لن يتحمل أي تكاليف مادية لهذه الحملة، ويرغب بأن تتولوا تغطيتها بالكامل من خلال فريق التسويق لديكم وتأمين رعاة إعلاميين لهذه الحملة)، نعم يراد للشركة الإعلامية أن تقوم بدور الشحاذة لتغطية تكاليف الحملة التوعوية التي لن يساهم بها مجلس الضمان الصحي بهللة واحدة، فهل تناسى المجلس دوره التوعوي؟ وهل يتوقع المجلس أن تكون هناك حملة توعوية ناجحة ببلاش؟ يقول المثل الشعبي (الحكي بالحكي والإبل بالدراهم)، ورحم الله حال الوعي إذا كانت مؤسساتنا على هذه الدرجة من الاهتمام بالوعي.
***
alakil@hotmail.com