الإعلام في المملكة العربية السعودية له مكانة مرموقة مميزة في بناء الدولة الحديثة ولوسائل الإعلام تأثير في جميع نشاطات الدولة وهو من العناصر الأساسية في التعبير عن القضايا الداخلية والعلاقات الدولية وخصوصاً قد تعاظم دور وسائل الإعلام في هذا العصر بعد تنوع تقنية الاتصال والتطور بين دول العالم، وهذا ما جعل جهاز الإعلام يشكل حضوراً فاعلاً في الندوات الثقافية الاجتماعية ويحدث تأثيره الإيجابي أو السلبي بين المجتمعات والشعب والكيان الأسري في ظل التطورات التي يشهدها المجتمع الدولي، بوجود القدرات الهائلة التي تستخدمها وسائل الإعلام في المواقف والقناعات وتبادل الآراء والحوارات الثقافية.
|
ولهذا كانت الرعاية الكبيرة من القيادات السعودية لشؤون الإعلام سواء الكلمة المقروءة في (الصحافة) باعتبارها الأهم أو بالنسبة للكلمة المسموعة (الإذاعة) أو الكلمة المرئية في القنوات الفضائية المتعددة الأهداف. والحقيقة أن الجريدة أو المجلة لا غنى عنها لصاحب الغاية أو الهواية، باعتبار أن الكلمة المذاعة بجهاز الراديو صوتياً أو في الأجهزة التلفزيونية تعطي أثرها الآني المؤقت وهذا الأثر لا يستقر ولا يعطي نتائجه المطلوبة، إلا إذا بدا مكتوباً على الورق، أو مطبوعاً في الصحف، خصوصاً للمتبع أو لصاحب الاختصاص.
|
وأصبح الإعلام في المملكة وسيلةً وهدفاً وموضع اهتمام الدولة وهو مرآة الدولة الحديثة والتي تسعى دائماً للتطور وتتابع مجريات الأحداث.
|
ومنذ عام 1390هـ الموافق العام الميلادي 1970 انطلقت السياسة الإعلامية على المبادئ والأهداف التي يرتكز عليها ويتطلبها الإعلام في المملكة والتزامها في الشريعة الإسلامية هدفها ترسيخ الإيمان بالله العلي القدير في نفوس الإنسان مع استمرار النهوض بالمستوى الفكري والحضاري ومعالجة الأوضاع الاجتماعية الإنسانية، وثقافة المجتمع وتعميق فكرة الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، مع احترام النظام، وتعتبر هذه السياسة جزءاً من السياسة العامة للدولة السعودية وأن يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام في كل ما يصدر عنه، لأن المنهج الإلهي منهج عمل يقوم على الحجة والبرهان، ويستند إلى المنطق والدليل، ولا يطلق النظريات الغارقة في التأمل الخيالي، بحيث تتأثر بها العاطفة، ولئلا يكون لها أثر في تجاوب العقل وتفاعل الفكر.
|
وأمام هذا الواقع كان اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة ليكون وزيراً للإعلام في هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها العالم العربي والإسلامي باعتبار أن الدكتور خوجة قد مارس مهنة الإعلام قبل ما ينوف عن ثلاثة عقود وبالتحديد في عام 1395هـ - 1975م عندما تولى منصب وكيل وزارة الإعلام وكان ناجحاً في منصبه وأقام علاقات جيدة مع العاملين في شؤون الإعلام والصحافة، واستفاد خبرات سياسية في كل المناصب الدبلوماسية في سفارات المملكة في المغرب وفي تركيا وموسكو ثم بيروت وكان مخلصاً في كل أعماله لعقيدته ومليكه ووطنه وكان يعمل دون كلل في كل المهمات والمسؤوليات التي عهدت إليه في تلك السنوات الماضية.
|
وعندما أتحدث عن الدكتور خوجة وما حققه من إنجازات لم تكن معلومات سمعتها أو قرأتها من الصحافة ولكن من خلال صداقة موثقة بدأت عندما تولى منصب وكالة وزارة الإعلام في عهد وزيرها الدكتور محمد عبده يماني حيث رشح الدكتور خوجة وهو الأستاذ الجامعي في مادة الكيمياء بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة ووافق الملك خالد بن عبدالعزيز وولي عهده فهد بن عبدالعزيز على هذا الترشيح الموفق.
|
وكان باب مكتبه مفتوحاً لجميع الإعلاميين والأدباء والمثقفين لأن اهتمامه الأدبي الثقافي ينسجم مع حبه وممارسته للشعر ويحضر الندوة الخميسية التي يعقدها الأستاذ عبدالعزيز الرقاعي في مدينة الرياض ويسمعنا عن أبيات من الشعر الغزلي إضافة إلى الشعر الديني.
|
وصدر عن الدكتور خوجة بعض الإصدارات منها (عذاب البوح) وكان أهدى الديوان إلى زمن حلو الأماني وفجر أنشد لقياه.. وكان عنوان القصيدة الأولى (هبة) وتتألف من بيتين فقط هما:
|
هبة اللغة آيات أحلى الهبات |
املئي بالبسمة الوسنى حياتي |
وتعالي في ضلوعي واستكيني |
ردّدي (بابا) فبابا نغماتي |
وفي قصيدة أخرى بعنوان (أراد القدر) قال فيها:
|
ويمضي بنا العمر يا قلب.. حزناً
|
|
ويمضي بنا العُمر يا قلبُ.. جدباً
|
|
ولا زرعَ يرجو هطولَ المطرْ
|
وفي ديوانه الصهيل الحزين تضمن 29 قصيدة وقد نظم أبيات (الصهيل الحزين) يوم الخامس من أيار مايو 1993م على الطائرة عندما غادر مدينة جدة في طريقه إلى موسكو لتولي منصبه كسفير في الاتحاد السوفياتي وقال فيها:
|
قد عدت لا أدري ولا تدرين هلْ
|
|
لما خطونا فوق أنقاض السنين
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
ورأيتُ في عينيك أصوات ابتهَال
|
|
أم أننا الاثنان قد خضْنا المحال
|
والحقيقة كنت التقي بالشاعر والأديب الدكتور خوجة في كل مرة يصل بها إلى الرياض قادماً من الدار البيضاء أو أنقرة أو موسكو وأسمع منه الكثير من الأمور السياسية الدولية ولم تنقطع بيننا هذه اللقاءات الأخوية.
|
وعندما تولى الدكتور الخوجة منصب السفارة السعودية في لبنان كنت أزوره في مكتبه وفي أول زيارة لأهنئه في هذا المنصب الحساس وفي هذا الموقع الجميل على البحر الأبيض المتوسط وهو موضع اهتمام العالم العربي والدولي باعتبار مدينة بيروت من أهم العواصم العربية وتتسابق دول العالم على إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان. وإلى جانب التهنئة قلت له كان الله في عونك في هذا المنصب وأرجو الله أن يحميك ويقيك الشر.
|
وأجابني قائلاً: أرجو أن يوفقني الله في عملي فهو الحامي ويدفع الأذى عنا.
|
وقد أقام الدكتور خوجة في منصبه في العاصمة اللبنانية علاقات وثيقة مع كل الفئات السياسية على اختلاف مذاهبها من خلال السياسة السعودية الحكيمة التي اتخذتها القيادات السعودية في أن تكون علاقات المملكة مع الجميع لأن جميع الفئات السياسية تعاملهم المملكة في ذات المستوى وتقدم مساعداتها للجميع ولكل الفئات.
|
|