مكة المكرمة - عمار الجبيري
أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة تدريس بقسم الدراسات العليا بجامعة أم القرى والمشرف العام على مجمع إمام الدعوة بحي العوالي، ضرورة إنشاء هيئة عليا تعنى بإعداد الخطط والإستراتيجيات الشاملة التي تحفظ الأمن الفكري للمجتمع، وترصد كل المستجدات التي تهدد كيان الأمة إلى جانب تشكيل مجالس تنسيقية بين القطاعات الحكومية والأهلية تهدف إلى التعاون لمعالجة القضايا المعاصرة مما يحفظ للمجتمع أمنه الفكري.
وقال فضيلته في تصريح خاص: إن من محاسن الشريعة الإسلامية أنّ حفظ الأمن مرتبط بالإيمان يقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيْمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمن وَهُم مُّهْتَدُونَ} .. والأمن الفكري من أهم أنواع الأمن بمفهومه الشامل إذ المقصود أن يعيش الناس في أوطانهم آمنين على مكونات أصالتهم وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من الكتاب والسنّة بفهم السلف الصالح.
وأبان الشيخ أن الوسائل المعينة على تحقيق الأمن الفكري في المجتمع، يأتي في مقدمتها الاهتداء بهدي الله عز وجل والاعتصام بالكتاب والسنّة، ذلك لأنه هو الأمن الحقيقي بل لا يتحقق الأمن الفكري الشامل دون أن نهتدي بالعقيدة ونلتزم بتعاليم الإسلام. ولذلك ربط الأمن بالإيمان بالله عز وجل. ثم العناية بتطبيق الشريعة الإسلامية قولاً وعملاً في مختلف شؤون الحياة فهي سبب لتحقيق الأمن الشامل بكل صوره.
وأضاف الشيخ السديس أنّ من الوسائل التي تحقق الأمن الفكري التزود بالعلم الشرعي النافع من مصادره الموثوقة، فلا يقوم أمن فكري على أيدي الجهلة وأنصاف المتعلمين.
وأكد فضيلته على ضرورة الرجوع إلى ولاة الأمر والراسخين في العلم لأنهم صمام الأمان، وقال فضيلته: إن الأمة الإسلامية ليست فوضوية، بل لها مرجعية شرعية تعود إليها في قضاياها العامة والخاصة.
وتعجَّب فضيلته من البعض حينما يرجع إلى العلماء في بعض القضايا والموضوعات البسيطة، ولا يلتفت لهم في القضايا الكبرى لمصالح الأمة، وفي النوازل والمستجدات بدعوى أنهم لا يفقهون الواقع بل يتطاول عليهم بدون وجه حق.
واعتبر الشيخ السديس العناية بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طوق النجاة للمجتمع ووسيلة مهمة في تحقيق الأمن الفكري، بالإضافة إلى التربية الصحيحة للشباب والناشئة من خلال المنزل والمدرسة وإحياء رسالة المسجد.
ولخص إمام وخطيب المسجد الحرام ضوابط تحقيق الأمن الفكري في النقاط التالية:
- أن يكون الأمن الفكري منبثقاً من ديننا الحنيف ومعتقداتنا الراسخة لرعاية مصالح الأمة.
- أن يتمشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية وأحكامها.
- أن يحقق الأمن الفكري الوسطية والاعتدال.
- أن يتلقى الأمن الفكري من المصادر الصحيحة ويتولى ذلك العلماء الربانيون.
- أن يحقق الأمن الفكري وحدة الأمة وتلاحمها وتماسك جماعتها.
- أن يحافظ الأمن الفكري على ثقافة الأمة ومكونات أصالتهم ومنظومتهم الفكرية.
- أن يسمو الأفراد والجماعات إلى درجات الطهر والعز.
- أن يكون القائمون عليه هم ولاة الأمر والعلماء الربانيين.
وحذّر فضيلته في هذا الصدد من عدة قضايا تحقق عائقاً في تطبيق الأمن الفكري .. من أبرزها:
- التساهل في تطبيق الشريعة الإسلامية.
- واتباع الأهواء المنحرفة.
- وأخذ العلم من غير أهله حيث يتصدى بعض صغار الأسنان وسفهاء الأحلام للفتوى، ويتحدثون في قضايا الأمة المصيرية دون علم راسخ مؤكداً فضيلته في هذا الشأن على عدم إتاحة الفرصة للعدو المتربص أن يدخل بيننا فيمزق صفنا إلى صفوف وحزبيات وجماعات.
واعتبر السديس: انتشار المنكرات والمحرمات والتساهل في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً في خلل الأمة في أمنها الفكري. وطالب فضيلته المثقفين وأرباب الفكر وحملة الأقلام بمحاربة التيارات المنحرفة من تيارات الإلحاد والغلو والإفساد والوقوف ضدها وكشف زيفها.
وقال فضيلته: نحن مجتمع مستهدف ومحسود على ما ينعم به من خيرات كثيرة.
ودعا فضيلته إلى إتاحة الفرصة للتعرف على اتجاهات الشباب وربطهم بالعلماء وإحياء التراث الإسلامي وإبراز القيم الجمالية التي يحملها الدين الإسلامي وفتح قنوات الحوار معهم لمصارحتهم، وإشعارهم بالمحبة والحنان واستثمار وسائل الإعلام فيما ينفع ويفيد الأمة الإسلامية.
وفي الختام أشاد فضيلته بجهود رجال الأمن البواسل في حماية البلاد من مخاطر الإرهاب.