أنا مصاب بالقنوط والإحباط والتشاؤم ويعتصرني الألم والحزن لما يحدث لكتاب التربية الوطنية في مدارسنا الأهلية والحكومية يا سمو وزير التربية والتعليم، بل مفجوع وبحاجة إلى من يواسيني وينسيني مصيبتي، بل الجمرة في راحتي وقلبي مثل صغير يهذي من حمى تفصد جبينه فيبكي بكاء حاراً، إنني أحس بالدوار وبشعور خفي يدفعني للكتابة.....
.....إليكم يا سمو الأمير لأنك تجلس على قمة الهرم التعليمي وتدير دفة المسؤولية فيه وهو موقع مميز ومهم وعالي الخطورة ويحتاج إلى حرفة مهنية فنية وإدارية ونفسية وعصبية عالية المستوى والهدف وهذا ما تملكه، لذا لم أتردد لحظة واحدة بالكتابة إليك لأن الذي دفعني لمخاطبة مسؤول رفيع المستوى مثلك هو الوطن أولاً وأخيراً وما يحصل لمادة التربية الوطنية من إهمال ونسيان ومحاولة وأد، يتوجب علينا جميعاً الوقوف وبقوة ضد هذا المنحنى الخطير والفعل المشين والاتجاه المعاكس وعلينا رص الصفوف وتقبل الآراء مهما تعددت وعدم إفساح المجال لمن يريد أن يزايد أو يعتذر أو يبرر موقفه في عدم تدريس مادة التربية الوطنية كمادة أولية وأساسية بل ويصر على أن يجعلها مادة مهمشة وثانوية وليست ذات قيمة رغم مئات ألوف الريالات التي دفعت من أجل طباعتها وتغليفها وإخراجها بالشكل والمضمون الحالي كما نراه. إن مشروع كتاب الوطنية الذي أطلقته وزارتكم يا سمو الأمير وأشرف عليه نوع من الأكاديميين وذوي الاختصاص من المثقفين لابد لنا من أن نقف لمساندة هذا الجهد الجبار وننقذه من هاوية الانزلاق الذي لا نتمنى أن يأتي ولن يأتي بحول الله مادامت هناك صفات حميدة مليئة بالنخوة والشهامة والوطنية التي قل نظيرها تتحلون بها ويتحلى بها معكم فريق كامل من التربويين والأكاديميين، ولأننا وبفضل فضاء الحرية المتاح للنقد الهادف البناء واحترام الرأي الآخر، ومادمنا نملك حرفاً أو كلمة فيها من الحكمة الرزينة والموعظة الحسنة والتبليغ الرشيد ما يفيد، لنقف إذاً (ينتخي) بعضنا البعض ونتعاون سوية للخروج بموقف نهائي وصلب تجاه مادة التربية الوطنية والعمل على جعلها مادة أولية هامة ومهمة وأساسية لها درجات الرسوب والنجاح مثلها مثل أي مادة علمية أو أدبية أو شرعية أخرى لا مادة مجرد جنين ولد ميتاً لا روح فيه رغم أجهزة التنفس والإنعاش القلبي الغالية الثمن التي تحيط به.
إن بلدنا بلد متطور وينمو يوماً بعد يوم وبلدنا مشروع خير لكل العالم ومازال العالم يغترف من خيراته بما فيها العلم والمعرفة، فمنه انطلق الحرف الأول ومنه سنت القوانين الإلهية لكافه البشر، ومنه انبثق نور الإسلام الهادي يشع علماً ونوراً، فعلينا جميعاً أن نفكر جدياً وجلياً بما يحدث لكتاب الوطنية المقرر لأننا نعيش في وطن متميز وأسطورة رغم فحيح الحاقدين ونعيقهم وسموم أقلامهم وسلاطة ألسنتهم. وإن على مثقفينا وأرباب الفكر والرأي ومسؤولي التعليم خاصة (بنين وبنات) أن يعملوا بجد وبلا كلل من أجل زرع روح الوطنية والانتماء الوطني لدى شريحة كبيرة وواسعة من النشء لدينا وذلك بتفعيل تدريس مادة التربية الوطنية للناشئين (الأنثوي والذكوري) بلا تميز لأنهما في المحصلة النهائية مواطنين وإن اختلف الهيكل الجسدي لكل منهما، وعلينا جميعاً أيضاً أن لا نفسح المجال للمتهاونين الكسالى من بعض معلمي وإداريي المدارس العامة والخاصة، لأن عليهم جميعاً أن يعوا جيداً بأن الوطن شاؤوا أم أبوا لنا جميعاً.
إنكم يا سمو الأمير الأقرب للواقع والمعاصر له ومن المنظرين له، وهذا ما جعلني أطالبكم بالوقوف بحزم وشدة وغلاظة بأس لتفعيل تدريس مادة التربية الوطنية في كافه المدارس (بنين وبنات) بلا تميز، وجعلها مادة أساسية وأولية، لأنها مشروع وطني عملاق ومهم يجب أن يهتم به اهتماما كبيرا واستثنائيا وأن تجعله من أولويات واستراتيجيات وخطط وزارة التربية والتعليم الحالية والقادمة.
إن كل السبل والتحركات يا سمو الأمير لا يمكن أن تأخذ طريقها للنجاح ما لم يفعّل قانون المتابعة. إن المهمة شاقه وبحاجة إلى جهود حثيثة وجادة لوضع مادة التربية الوطنية في المقام الأول الذي يليق بها. نعم وبالتأكيد يا معالي الوزير لا بد أن نهتف ونبارك جهود وزارتكم في المهام التنويرية والمعرفية وتحريك المشهد الثقافي لأكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة في جميع المراحل التعليمية. نعم من حقكم أن نهتف لكم ونصفق، لكن من حقنا أيضاً أن نصدر الآراء والأفكار والعتب ونطالب بتفعيل مادة التربية الوطنية لهذا الرقم الكبير من الطالبات والطلبة لأن في تفعيلها وتدريسها بجد يعني أننا سوف نرفع الحس القومي والحس الوطني وحس الانتماء لهذا الرقم المهول من أبنائنا وبناتنا الشباب ونقيهم من التعثر أمام الماكينة الإعلامية الضخمة المغرضة والبغيضة والمخربة. إن التصدي لقوى الشر والظلام والتخريب والهدم يا معالي الوزير تبدأ من تعزيز الهوية الوطنية في مناهجنا التعليمية لأنها ضرورة تفرضها المهام والتحديات الجسيمة لمواجهة أعداء الوطن الأسطورة والمواطنين الأشراف.
إنني في الختام يا سمو الأمير أستغيث وأرفع صوتي بالاستغاثة بأن تلبي طلبي وطلب الكثير، الكثير من المواطنين بالشروع فوراً بتفعيل تدريس هذه المادة وجعلها مادة أساسية تحسب من ضمن المجموع الكلي للمواد. إننا بانتظار هذا التفعيل بسرعة وجدية وواقعية والعمل على إقرار تدريسها بشجاعة وروح المسؤولية التي اعتدناها منكم وأنتم الأكثر شعوراً بروح المسؤولية تجاه النشء والوطن، بعدها يا معالي الوزير القدير لن يعتصرني الألم ولا الحزن وسوف لن يعتريني الأسى والقنوط.
ranazi@umc.com.sa