حينما تجعل لك أيادي كثيرة عند الله تعالى: أياد من: العدل والإحسان والأخذ بيد المُساء إليه من صاحب أو قريب، وكم من صاحب، وكم من قريب بغيا بقول أو عمل بصريح القول أو بتعريضه، حينما تجعل لك لنفسك هذه الأيادي عند الله تعالى فإذا نزلت بك فاقة أو نزلت بك كربة أو كربات حينئذ الله يأخذ بيدك ويدفع عنك ويعلي مقامك وينزل عليك السكينة والطمأنينة حتى ليحتار فيك حاسدك وعدوك كيف نجوت من كيدهم وبغيهم وتوجيهاتهم القاتلة..؟
وهذه أثارة صحيحة باقية ما بقى الدهر كيف أن الله تعالى أزال كربة قد نزلت بثلاثة نفر لهم عند الله تعالى أياد جليلة.
جاء في الأثر الصحيح: (بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر فمالوا إلى غار في الجبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض:
انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها،
فقال أحدهم: (اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه ناء بي السحر فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما فحلبتُ كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رأسيهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم أزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى رأوا منها السماء).
وقال الثاني: (اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمئة دينار فسعيت حتى جمعت مئة دينار فلقيتها بها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها، اللهم فإن كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها ففرج لهم فرجة).
وقال الآخر: (اللهم إني كنتُ استأجرت أجيراً بفرق أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه، فتركه ورغب عنه، فلم أزل أزرعه، حتى جمعتُ منه بقراً وراعيها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها، فقال: اتق الله ولا تهزأ بي.
فقلت: إني لا أهزأ بك، فخذ ذلك البقر وراعيها، فأخذه فانطلق به فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي ففرج الله عنهم).
(متفق عليه - عن عبد الله بن عمر).
فجرِّب قارئي العزيز أن تفعل شيئاً من ذلك، أن تجعل لك أيادي عند الله تعالى بنيّة صالحة عادلة صادقة قوية، سوف تجد الله تعالى حيث تسأله، حيث تدعوه، حيث تفزع إليه، إذا ادهلم عليك بغي باغ أو كيد كائد أو مكر ماكر بشعر ما أو رأي ما أو غمز ما أو ظلمة من ليل أو ظلمة من نهار.
جرِّب ذلك وأحسن الظن بربك ولا تتكل على الأماني والقوة، جرِّبْ هذا تجد الله تجاهك.