وقال تعالى{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته). أيها المؤمنون: أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالتعاون على الخير وحثهم على التناصر والتآخي والسعي في المصالح والتعاون على اجتناب الشر ورفع الضرر ونهاهم أن يعاونوا على الإثم او يتناصروا على الشر. قال تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. والمؤمن مفتاح للخير مغلاق للشر تدفعه مرؤته لمعاونة إخوانه عند حاجتهم والسعي لهم في قضاء مصالحهم ولا يرجو من وراء ذلك إلا ثواب الله عز وجل، وقد جعل الإسلام قوام أعمال بالأمانة والذمة وجعل انتظام الروابط والصلات بالوفاء وحسن السمعة كما جعل سعادة الفرد والمجموع في الحياء وشرف النفس ومجانبة القبائح والدنايا. فالناس لا يستغنون عن التكافل والتبادل والأخذ والعطاء والتعاون والتساند في جميع شؤون حياتهم. فإذا لم تكن المعاملة على الصدق والأمانة ضاعت الثقة وساءت الظنون وتقطعت الصلات. وإذا لم يؤد كل واجبه نحو الآخرين بضمير نقي وطاهرة نفس تعرضت الحقوق للضياع واضطربت الأعمال. ومن صفات المؤمنين الصالحين أنهم أمناء على المصالح، أوفياء بالعهود، متقنون للأعمال، مراقبون لله في كل مكان ما يصدر عنم من قول أو عمل، نهضوا بمسؤولياته وقاموا بتبعاته على خير وجه وأكمله، لا يضيع لديهم حق، ولا يتأخر عمل أغنى الله نفوسهم بالحلال الطيب من الرزق، لا يأكلون الحرام ولا يمدون أيديهم للسحت لإيمانهم بأن المال الذي يأتي عن طريق غير مشروع كالرشوة يذهب البركة ويفسد الأخلاق ويهدم العفة والنزاهة ويميت الضمير ويجلب غضب الرب سبحانه وتعالى. وكيف لا يبغض المؤمن الرشوة ونحوها وقال تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}. إن المال الذي يأتي عن طريق الرشوة حرام يذهب بالبركة ويسبب الطرد من رحمة الله لفاعليه والساعين فيه.
وقد جاء في الحديث الذي روي عن أبي مسعود رضي الله عنه موقوفاً بإسناد صحيح: (والرشوة بين الناس سحت) أي حرام يمحي البركة. أيها المؤمنون: إن المؤمن يعلم تماماً أن الرشوة ما دخلت في أمر إلا جعلت نوره ظلاماً وطريقه قائماً بالرشوة، والعياذ بالله تطمس الحق وتحجب العدل وتكون سبباً في ضياع الحق وإعطاء من لا يستحق ما ليس له، كما أن الرشوة تساعد على إخفاء الجرائم وتستر القبائح وتقلب الوقائع، وبالرشوة قد يفلت المجرم من يدي البريء ولهذا كانت الرشوة في نظر أهل الدنيا خيانة وطنية، وهي في رأي الشرع إثم عظيم، وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لعن الله الراشي والمرتشي)، وقال (من أصاب مالاً من حرام فوصل به رحماً أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله جمع الله جميعاً ثم قذفه في النار). فطوبى لمن تجنب الحرام وابتعد عن الشبهات وقنع بالحلال الطيب. نسأل الله التقى والهدى والعفاف والغنى واتقوا الله يا عباد الله وتوبوا إليه واستغفروه إنه تواب غفار رحيم. أيها المؤمنون احذروا الرشوة سواء كانت كثيرة أو قليلة وهي حرام في حرام. أتمنى من الإخوة المسلمين في جميع مواقعهم وفي أعمالهم سواء كانوا مسؤولين أو مواطنين الاجتناب عن تلك الأفعال السيئة التي ينبذها الإسلام وتعاليمه والابتعاد عنها كلياً ولعلهم يرحمون، وإنه سميع مجيب.