الحقُّ الفلسطيني بالوجود والعيش بكرامة كبقية الشعوب التي نالت حريتها من نير الاحتلال حق مفروغ منه، ولكن هذا الشعب ما زال بكل أسف يرزح تحت جحيم الاحتلال وأليم الاضطهاد وقسوة الحصار والتجويع أكثر من نصف قرن من الزمن عندما قررت الدولة التي لا تغيب عنها الشمس بضغوط من الرأسماليين اليهود الذين يديرون العالم بالوكالة كما قال رئيس وزراء ماليزيا السابق د. مهاتير محمد، لأن من ملك المال ملك الدول فسعوا بكل ما أوتوا من خبث ونفوذ لدى هذه الحكومة وتلك بإعطاء أصحاب القرار السياسي ما أوتوا من مال لا حد له في سبيل إيجاد مأوى يؤويهم بدعوى أن كرامة وأدمية الجنس اليهودي مهانة في جميع دول العالم وعلى الأخص أوروبا المتحضرة، حيث ليس لهم من واقع العيش داخل الشعوب طالما أنه يمثل الصهيونية التي تمارس الأساليب الممقوتة والمعروفة من قديم الزمن من التحريض والوقيعة وقتل الأنبياء، فكان جزاؤهم الكراهية والإحراق بدون محاكمات وبدون أدلة إثبات أو إدانة، فإزاء هذه الأسباب المادية والتعاطف الأرعن تم لهم ما يريدون من حصولهم على وطن وهو ما عرف باسم (وعد بلفور) الذي تم تنفيذه من قبل وزير خارجية بريطانيا، حيث سال لعابه للإغراءات المادية التي تقدر بما يعادل في الوقت الحاضر مليارات الجنيهات الإسترلينية وتتخلص أيضاً أوروبا بأكملها من هذه الشرذمة القليلة، فوطئت أقدامهم أرض الأنبياء وأرض السلام وأرض الإيمان لجميع شعوب العالم حيث المسجد الأقصى القبلة الأولى للإسلام.
واليهود يزيفون على العالم بأنهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام، وهم أبعد ما يكونون من ذلك لأن نبي الله موسى كان متواضعاً وكان رفيقاً بابنتي شعيب، حيث أزاح الصخرة العظيمة التي لا يقوى عليها إلا الرجال الأقوياء لأنهما لا يسقيان حتى يصدر الرعاء فيأخذان الماء المتساقط الذي ينقذ من الموت فقط، وإزاء هذه القوة وهذه القدرة الخارقة يرد بقول المؤمن القوي في طاعة الله الضعيف في نوازع الشر {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} الآية.
أما حال من يدعون أنهم أتباعه هو الإدعاء بأنهم أبناء الله والشعب المختار وهم السادة وغيرهم يداس بالأقدام وكذا التنكيل بأي جنس طفلاً كان أم امرأة أم شيخاً هرماً المهم لا يقف أمام هذا الحقير (الصهيوني) فرد الله القوي المتعال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ} الآية.. ولم يقفوا عند هذا الحد بل تجرؤوا على الذات الإلهية تقدس المولى وتنزه عن قولهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء}.
وهذه المقالة ليست بصدد مَن بدء الحرب ومن لقن الثاني دراساً لن ينساه، ولسنا في مجال مناقشة القراءات الدولية والقمم العربية والإسلامية وغيرها من القمم المتحدة والمختلفة، لأن كل يحسب ويصوت ويعارض من واقع مصالحه والإستراتيجيات التي ينبني عليها الحق في الوجود والبقاء كدولة عسكرية أو اقتصادية أم ممراً للأسلحة، ولكن نحن كبشر أوجدنا الباري عزّ وجلّ على هذا الكوكب لنعيش ونعمر هذه الحياة بدون استعلاء وبدون إجحاف أو غمط للحقوق، لأن هذا يؤدي للاستكبار والتكبر وهو من صنع إبليس الذي يعيش إلى قيام الساعة مطروداً من العزة والكرامة وآخرته وأعوانه إلى النار.
فإن القوي من ينتصر على نفسه الأمارة بالسوء وأن يكون خليفة الله على أرضه بالإعمار لا بالإجرام وبالإحسان لا بالعنصرية والتطرف، طبعاً في القرن العشرين الصهاينة كانوا نعاجاً وفي القرن الواحد والعشرين وحوشاً مفترسة لرفعهم شعار يتوارثونه جيلاً بعد جيل الخبث والقتل والإجرام وتهديم البيوت هو سر بقائكم بنو صهيون إلى الأبد مع بذل الأموال المغرية للمصانع الحربية في أوروبا وأمريكا خدمة للدولة المزعومة لأن أوروبا وأمريكا لديها فلسفة من ملك الجو ملك الأرض وهذا حاصل في منطقتنا بكل أسف مزيداً من الأراضي ومزيداً من القتلى ومزيداً من المشردين، نهبت فلسطين وبعدها الجولان وسيناء وما زلنا وبمرارة في الخطب العنترية وكيل التهم والتجريح وعدم إماله الدول الكبرى، وإسرائيل نجحت في ذلك، مع عدم أخذه العبرة من الدول الأوروبية حينما رأت أن التنافس السياسي والاقتتال لا يخدم الشعوب ولا يحل قضايا عنصرية أو إيدلوجية، فغامروا بعملية الوحدة الاقتصادية (السوق الأوروبية المشتركة) فانبثق عنها رخاء ونماء وتطور.
الإخوة في فلسطين محرم عليهم اقتناء مدافع مضادة للطائرات والدبابات وكأنها حرب تقليدية ليس لهم إلا السيف والرمح والقرطاس والقلم وهذا ليس من باب بث الوهن ويموت الإنسان في داره، فموت بشجاعة خير من ميتة نعاج.