المحور الثالث: رأي الدكتور عائض القرني في الباريسيين:
أما بالنسبة لما ذكره الشيخ من حسن تعامل الباريسيين وتأدبهم واطنابه في ذلك، فإنني من أشدّ من يستغرب سماع ذلك خاصة التعاملات التي لقيها الشيخ في الشارع عند سؤالهم لرجل فرنسي عن الطريق وينزل ذلك الفرنسي من سيارته ويصف لهم الطريق وهم جالسون في سيارتهم، وكذا أمر المطر والمظلة، وهذا كله يحدث مع رجل مسلم عربي، ليس هذا فحسب بل وملتح أيضاً. وكلنا يعلم كيف أن الإعلام الغربي الحاقد على الإسلام وأهله استغل تصرفات أناس قاموا بأعمال إرهابية باسم الإسلام وهي لا تمت للإسلام السمح بصلة، بل على العكس تماماً الإسلام منها براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فالرجل الغربي غير المسلم المنصف (وقليل ما هم) يعلم يقيناً أن ديننا الحنيف دين رحمة وسلام وليس دين خراب ودمار كما يفعله الصهاينة الغاشمون في بلادنا فلسطين.
ولكن الإعلام الغربي استغل تهور وجهل وضلال هؤلاء الإرهابيين الذين اكتوينا بنارهم قبل غيرنا، فشوه صورة الإسلام والمسلمين حتى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتركوه وأكثروا من الإساءة إليه.. على من أساء إلى سيد ولد آدم من الله ما يستحق عاجلاً غير آجل، اللهم آمين. فكيف ممن هذا حالهم وقد غسل عقولهم إعلامهم غير المنصف خاصة مع الدين الإسلامي وجعلهم يشكون أن كل رجل مسلم هو إرهابي حتى وإن ثبت لديهم أنك يا مسلم ليس لك علاقة في الإرهاب لا من قريب ولا من بعيد، معظمهم لا يحبذون وجودك في بلادهم، ولعل الوقائع التي تحدث بين الفينة والفينة خاصة في فرنسا أكبر شاهد على ذلك، وما قضية الشاب العربي الذي فصلته المدرسة منا ببعيد. ومن يزر فرنسا يعرف الرجل الفرنسي وكم هو معتد بنفسه وكيف نظرته للآخر وبالذات الرجل العربي، ولعل هذا له جذور تاريخية ليس هذا مكان بسط الى حديث فيها.
وما أقول إلا حقاً لكل قاعدة شواذ وهم نادرون في تلك البلاد لا لأنهم غير منصفين مع المسلمين فحسب ولكن السبب الرئيس هو كرههم للدين الإسلامي قبل المسلمين، وهذه والله حقيقة وإن أخفوها خلف عباراتهم الواهية.
قال الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (سورة البقرة 120).
ويا ليت الشيخ عائض القرني وهو يتكلم عن محاسن الفرنسيين ذكر لنا الفرق بين ما رآه في باريس وأمريكا التي رأى، وهل كان هنالك فرق أم أن نظرة الشيخ للأمور هي التي تغيرت؟!
ولعلي أذكر لكم ما رأيته بنفسي وفي باريس نفسها التي أثنى الشيخ على أهلها وأطنب في ذلك، ففي الصيف قبل الماضي كنت هناك مع عائلتي وقد لاحظت بشكل لا يدع مجالاً للشك اشمئزازهم وامتعاضهم واكفهرارهم عندما ينظرون إلى النساء وقد اكتسين باللباس الشرعي الصحيح والذي وللأسف قليلاً ما نراه في تلك البلاد رغم كثرة زوارها من المسلمين وخاص-ة العرب وخصوصاً الخليجيين، ولا حول ولا قوة إلا بالله قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...} (سورة الرعد 11).
ولا أعلم إن كان د. القرني قد اصطحب أولاده معه في رحلته تلك أم لا، ولكني لا أظن ذلك، ولو ذهب بهم لرأى كيف يتعاملون معه عندما يرون النساء وهن بلباسهن الذي أمرهن به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكيف سيرمقونه بنظرات الامتعاض والغضب، والعجب في الأمر أن هذه النظرات غير المريحة والتي لا تمت للتحضر بصلة تلاحظ على كبار السن أكثر بكثير من الشباب الذين لا يبالون كثيراً سوى أنهم عندما يرونك يبتعدون عدة أمتار ليس مخافة أن تكون تحمل وباءً معدياً ولكن مخافة أن تكون إحدى النساء تحمل قنبلة وسط تلك العباءة السوداء.
وللحديث بقية.. والسلام.
mabuthnain@yahoo.com