Al Jazirah NewsPaper Friday  27/02/2009 G Issue 13301
الجمعة 02 ربيع الأول 1430   العدد  13301
أويسط الجريد رحل لكن ليس من قلوبنا
سليمان الأفنس ملفي الشراري

 

أويسط الجريد من الرجال القلائل في منطقة الجوف الذين لهم تاريخهم الذي يستوجب منا أن نوثقه ونقتدي بإيجابيات لا تُحصى من مواقف هذا الرجل الذي اتصف بالكرم والشهامة والمواقف النبيلة وحبه لوطنه.

مجلسه الشهير بمدينة سكاكا الذي يُعتبر بحق أحد أعمدتها سيظل -بإذن الله- نبراساً لمعاني الكرم والعطاء والمواقف.

أويسط هو ذلك الرجل الذي كان (مدهلا) لكل ذوي الحاجات التي كان -رحمه الله- يقضيها بمتعة الرجل المحب للخير والعطاء.

أويسط الجريد ذلك الذي علمنا كيف نحافظ على تراثنا وموروثنا في القيم ومبادئ المحبة لكل الناس هو ذلك الرجل الذي نجد الجميع في مجلسه بمختلف أهوائهم وآرائهم ومهما كان موقفنا معهم وكأنه يحاول ان يصلح خلل هذا العصر في عدم التواصل واندماجنا مع هذا العالم الذي ينقصه الكثير..

ففي مجلس أويسط الجريد كانت القيم تُحفظ والكرامات تُصان ولها مكانة عالية وسمو يفخر بهما كل محب للخير والمحبة والتسامح والعطاء.

أويسط الجريد كان ذلك الرجل الفذ النادر في زمن الندرة.. وكان جوهرة غالية ثمينة لا تستطيع أن تحجبها عن أعين الغير لأنه سخَّر نفسه للغير وللناس ولكل محبي التسامح.

كلامه الذي يرسمه إستراتيجية بعيدة لحياة أبنائنا يحمل في أعماقه أسمى القيم وأعلى الهمم في سبيل أن يبنى الوطن على سواعد أبنائه وأن الوطن بدون أبنائه لا يُسمى وطناً يُنتمى له وتُبذل من أجله الروح.

سمعت منه أشياء كثيرة عن الصبر وكيف أن هذه الكلمة بمعناها تسمو إلى إيجابيات نجني من ورائها الكثير من المعطيات التي نفتقدها حينما لا نلتزم بها.

لأويسط الجريد فلسفة خاصة هي التجربة العملية الحقة في هذه الحياة المليئة بالمواقف.

أويسط الجريد ذلك الرجل الذي التقيته حينما كان وكيلاً لإمارة محافظة دومة الجندل قبل أكثر من ثمانية عشر عاماً تقريباً.. كانت كلماته التي استمعت لها لا تزال محفورة في ذاكرتي إلى اليوم وكأنه قالها للتو..

لم تزل تلك الكلمات تنبري أمامي كلما شاهدت موقفاً يتبلور.. وكان أويسط -رحمه الله- يعلم بأنه يكون أو أنني سأراه.. لكنها التجربة التي يستوجب منا أن نقدرها حق قدرها وللزمان حكماء ومبصرون وأحسب أن أويسط أحد هؤلاء الذين لا نراهم إلا حينما نصطدم بالتجربة الواقعية لنتذكر كلماتهم وحكمهم ورؤيتهم المبصرة لخطوات لم نخطها.

إنه حكيم من حكماء هذا الزمان ورجل استطاع بصبره وحنكته التعايش مع كل المحبين له والناس الذين يعرفهم ويعرفونه بالكلمة الطيبة المثلى التي نحن بحاجة إلى أن نكون مبصرين نقتدي بها ودرساً غير منهجي نتقيد به في أمور حياتنا.

تعمقت أكثر وأكثر في شخصية هذا الرجل حينما بدأ كأحد المؤسسين لمجلس المنطقة بآرائه النيرة التي كان يطرحها ويتابع الكثير من الأسس التي تعتمد على نهضة هذه المنطقة وتطورها وها نحن اليوم بحمد الله ننعم بما نحن فيه من عطاء دولتنا وسواعد أبنائنا ونتاج أفكار رسمت بصدق خطوات البناء في كل شبر من منطقتنا الشاسعة المترامية الأطراف.

أويسط الجريد رحل عنا بجسده لكنه لن يرحل من قلوبنا ومن ذاكرتنا نحتسبه عند الله أحد الذين نحبهم ويحبهم الجميع والله سبحانه وتعالى يشهد بمحبته لعبده مقياس ما يتمتع به من محبة عند الناس ورضا..

ولأويسط الجريد المكانة العالية عند كل من عرفه وسمع به وله من الحب الذي لا نستطيع له قياساً وإحصاء.. نسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة والمغفرة والجنة التي وعد بها عباده وأولياءه.

رحمك الله يا فقيدنا الغالي الشيخ أويسط ماطل الجريد الشراري.. وألهمنا الله الصبر والسلوان في فقدانك.

طبرجل - عضو هيئة الصحفيين السعوديين



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد