لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - رؤية شاملة في بناء البلاد وإحداث تنمية واسعة على الأصعدة كافة؛ فخادم الحرمين الشريفين يضع في أولى اهتماماته، الاستثمار في الإنسان السعودي والعناية به وتحقيق رفاهيته وتلمس حاجاته.
وعندما نستعرض مسيرته - حفظه الله - منذ أن كان ولياً للعهد نجد أن مسيرته التطويرية والتحديثية لهذه البلاد تأخذ مسارين: المسار الأول يرتبط بالثقافة والمعرفة وتنمية البناء المعرفي المبني على الاعتدال والحوار، ويتجسد ذلك في مهرجان الجنادرية الثقافي ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء، ورعاية الموهوبين والمبدعين وتوجيهاته - حفظه الله - المستمرة بأن يواكب التطور الكمي للتعليم تطور نوعي يستنفر أقصى طاقات الإنسان ويستثمر قدراته الإبداعية، وليتمكن بالعلم والعمل من مجاراة عالم سريع التطور والتغير؛ فاهتمام خادم الحرمين الشريفين بالمبدعين والموهوبين ليس غريباً؛ فهو من وضع اللبنات الأولى لهذه المؤسسة الرائدة، لنشر ثقافة الموهبة والإبداع وإبراز أهمية رعاية قادة المستقبل.. ومشروع الحوار الوطني ومشروعات الحوار الديني والثقافي مع الآخر.. وتوجيهه الرشيد لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، لنقل نبض المجتمع السعودي، ومناقشة قضاياه المختلفة بكل جوانبها، ومحاولة تقريب وجهات النظر والخروج برؤية وطنية لمعالجة هذه القضايا، إضافة إلى الدور الرئيسي والكبير في حماية الأمن الفكري من خلال نشر الوسطية والاعتدال في المجتمع السعودي ومحاربة التطرف والغلو بكل أشكاله، ودعم مسيرته؛ ليقطع شوطاً كبيراً من الحوارات في مجالات مختلفة تكللت بالنجاح على مستوى نشر ثقافة الحوار، وكذلك تحقيق إصلاح فكري وتقبل وجهات النظر المختلفة في النسيج السعودي؛ فمشروع الحوار الذي يقوده خادم الحرمين الملك عبدالله يعد أكبر مشروع للحوار على مستوى العالم الإسلامي؛ فقد نجح في حماية الأمن الفكري إلى جانب نجاحات العمل الميداني الأمني في السعودية، ولجان المناصحة التي أطلقتها وزارة الداخلية للقضاء على الفكر المتطرف.
والمسار الثاني يأخذ البعدين التنموي والحضاري للمواطن من خلال تطوير أنظمة القضاء والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية وغيرها.
والراصد لمبادرات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في السنوات الماضية يلحظ تنوع هذه المبادرات وشموليتها وأهميتها في إحداث نقلة نوعية كبيرة للمملكة العربية السعودية؛ فبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي حقق تنوعاً في الكم والكيف يهدف إلى تنمية وإعداد الموارد البشرية السعودية وتأهيلها بشكل فاعل؛ لكي تصبح منافساً عالمياً في سوق العمل ومجالات البحث العلمي، ورافداً أساساً لدعم الجامعات والقطاعات الحكومية والأهلية بالكفاءات الجيدة.. فضلاً عن مبادراته - حفظه الله - لتطوير التعليم، حيث يؤسس لإرساء أسس علمية وعملية لبناء تعليم متطور يسعى إلى تعزيز قدرات الطلاب والطالبات وتنمية مهارات التفكير والإبداع لديهم.
وهذا استمرار لمبادراته في تطوير التعليم بشكل عام، والتعليم الجامعي بشكل خاص، وكان من ثماره تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وكذا توجيهاته الكريمة - حفظه الله - للرفع من مستوى القطاعات الخدمية ذات العلاقة المباشرة بالمواطن التي بدأت تؤتي ثمارها للوطن والمواطن وسوف تحقق للمملكة - بإذن الله تعالى - كل خير وتقدم ورفاهية.
نسأل الله العلي العظيم أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وأن يسدد على الخير خطاهم، وأن يوفق المسؤولين لتحقيق آمال وطموحات خادم الحرمين الشريفين لبناء هذه البلاد وازدهارها وخدمة الإسلام والمسلمين.
* نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة