لا تخلو كثير من المجالس والمواقع من نقد الحكومات أو العلماء، أو الدعاة أو الخبراء أو الأدباء، أو رجال الإعلام.. إلخ.
|
والنقد إذا صدر من المؤهلين وتوفرت أدواته، كان حسناً وبناءً ومفيداً؛ لأن في النقد تقويماً وإصلاحاً وبناءً، وكما قال المسؤول الكبير - عمر بن الخطاب: (رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا) وينبغي أن يكون الناقد أكثر علماً وأوسع فهماً، وأبعد نظراً من المنقود.
|
والنقد دواء له أثره النافع، إذا كان معتدلاً لا يصل إلى حد التجريح، أو تتبع الزلات والعثرات، ويعطى دون زيادة أو نقصان.
|
ومن المؤسف أن بعض الناقدين اليوم، والخائضين، أقل مستوى بكثير من المنتقدين تجد بعض منتقدي الأمراء لو كلف معرف هجرة لما استطاع أن ينظم خيطاً في إبرة، وبعض منتقدي العلماء لا يستطيع أن يفتي في أبسط وأسهل الأحكام، وبعض منتقدي القراء لا يقيم قصار سور القرآن، ومنتقدي الخطباء لا يحسن الحديث أمام أبنائه، ومنتقدي المسؤولين والقضاة لا يعرف كيف ينهي الخصومة بين صغاره، وبعض منتقدي الدعاة ليس له أي دور في الإصلاح والبناء، مع أن المتعين على العامل في أي مجال قبول النقد من أي ناقد أياً كان عمله أو علمه أو عرقه، وأن نحترم النقاد بغض النظر عن نواياهم وأمرهم إلى الله.
|
لكن الملاحظ أن السائد في وقتنا هذا، هو نقد تتبع العثرات والسقطات أو التجريح والتحطيم، أو تصفية الحسابات، بين الأفراد والجماعات، وهذا منذر خطر، وفي الحديث: (من تتبع عثرة أخيه تتبع الله عثرته حتى يفضحه في جوف داره..) كما في الحديث: (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) وليس الحديث محل هذا، وإنما أردت الإشارة فقط.
|
في تقديري أنه ينبغي أن نحجم عن كثير من الكلام الذي لا ينفع وأن نربي أولادنا على ذلك، لأن ما يصدر منا ينعكس علينا، فنقد الآخرين سوف ينعكس علينا بالدرجة الأولى، ثم ندخل في دوامة نقد ذواتنا وجلدها، وعلينا أن نربي أولادنا على التغافل عن الآخرين وأخطائهم، وأن ننشغل وإياهم بعيوبنا عن عيوب الآخرين، وأن نربي أولادنا على الصفاء وحسن الخلق، والصدق في القول وإحسان الظن.
|
وينشأ ناشئ الفتيان فينا |
على ما كان عوده أبوه |
لقد رأيت صغارنا ينقدون الكبار، فإذا السبب هو الكبار أنفسهم.
|
|
* المجمعة |
|