Al Jazirah NewsPaper Friday  27/02/2009 G Issue 13301
الجمعة 02 ربيع الأول 1430   العدد  13301
كيف أكون متواضعاً؟!
د. هدى بنت محمد الغفيص *

 

قارئي الكريم أقدر فيك اهتمامك وحرصك بقراءة هذا الموضوع وأهنئك لأنك إنسان تعنى كثيراً باكتساب كل ما هو حسن، فها أنت تجيل ناظريك بين أحرف هذه المقالة التي سوف أحدثك من خلال سطورها عن كيف أكون متواضعاً؟ فما رأيك قبل هذا أن أذكرك بشيء من غاياتك التي دعتك للقراءة فأنت تريد أن تكون متواضعاً وخير دليل على هذا أنك ما اكتفيت بما لديك من علم، بل تواضعت لتنهل من معين الحروف لتزداد علماً.

أنت تريد أن تكون متواضعاً؛ لأنك تطمح للأجر الجزيل والثواب العظيم، فحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه) قال النووي - رحمه الله - يراد به الرفعة عند الناس وقد يراد به ثواب الآخرة ورفعته فيها بتواضعه.

ثم إنك تعلم قارئي الموفق - بإذن الله - عكس التواضع الكبر وهو خلق ممقوت عند الله وعند الناس وإنك إذا احتسبت الأجر بالتواضع وعدم التكبر إنما تدفع عن نفسك غيبة من حولك وبهذا تفوز بدعوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله امرأً دفع الغيبة عن نفسه). لعلي أكتفي بهذين السبين للإجابة عن تساءل لماذا ينبغي أن أحرص على اكتساب هذا الخلق الفاضل، لنتحدث عن كيف أكون متواضعاً.. لا شك أن أي دافع للتعبير هو وقود الهمة للصبر من أجل الفوز وأنت أياً كان دورك.. مسؤول في عملك، راعٍ في بيتك، مواطن في كل مكان تتواجد فيه تعلم أن المولى يقول: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، فعلام تترفع وهذا هو الميزان وذو الجلال هو المطلع سبحانه؟

إذاً بدايةً نتواضع بتمثل خلق الأتقياء فهنا التمايز ومتى تمثلنا خلقهم كفينا.. فعلام يحرم الرئيس نفسه ثواب هذا الخلق بترفعه على موظفيه أو مراجعيه ألمنصب أم نسب أم بسطة في الجسم.. وليسأل نفسه من الذي أوصلني ووهبني هذا كله أليس فضل المولى وتوفيقه أيكون شكره أن يترفع على عبيده، تواضع بقضاء حاجاتهم تواضع بقبول اقتراحاتهم.

كل واحد منا مؤتمن في منصبه وسيسأل من العبيد ومن رب العبيد، فلنحترم الكبير ولنعطف على الصغير ولنسعَ في قضاء حاجة من وضعنا من أجلهم فلولاهم ولولا خدمتهم لما قلدنا مناصبنا.

أذكرك ونفسي قارئي الكريم بقول المولى سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (54) سورة المائدة.

يقول ابن القيم - رحمه الله -: الذل في الآية لم يرد به الهوان الذي صاحبه ذليل، إنما هو ذل اللين الذي صاحبه ذلول، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) رواه مسلم، وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي يقول الله عز وجل: (العزة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني عذبته) رواه مسلم.

اللهم اجعلنا على أنفسنا من القادرين ولعبادك متواضعين..

* أستاذ مساعد بكلية الشريعة جامعة القصيم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد