الجزيرة- أحمد الجاسر
قال رئيس قسم العلوم الإنسانية في كلية الملك خالد العسكرية د. جمعة بن خالد الوقاع إن المجتمع السعودي شهد خلال السنوات القليلة الماضية تحولات سريعة ومختلفة، وسادت ظواهر ومشكلات لم تكن معروفة في السابق.
وبيَّن أن من هذه الظواهر والمشكلات العنف الأسري وخاصة ضد الأطفال، مشدداً على أنه من المنطق العلمي السليم لا يمكن الحكم على هذه الظواهر دون إجراء الدراسات والبحوث من المختصين لتحديد الأسباب وإيجاد الحلول، مؤكداً على أن عدم وجود هذه المشكلات في السابق لا يعني أن المجتمع كان خالياً منها، منوهاً بأنها لم تكن تعلن لأسباب كثيرة. وعزا د. الوقاع أسباب هذه المشكلات إلى ضعف الوازع الديني وعدم إدراك البعض لحرمة إيذاء الأطفال بأي صورة من الصور، وكذلك عدم إدراك أن الإسلام قرَّر حقوقاً محددة وواضحة للطفل، مبيِّناً أن أول تلك الحقوق هو حق الحماية والرعاية، نظراً لضعف الطفل وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه، كما أنه لا يمتلك مقومات الحياة دون مساعدة، متسائلاً كيف يؤذى وهو في هذه الحال؟
واعتبر أن الفقر والبطالة من أهم الأسباب المؤدية إلى العنف ضد الأطفال وانتهاك حقوقهم التي أقرّها الشرع المطهر، لافتاً إلى أن هناك من يتعمد تشويه الأطفال وإلحاق بعض العاهات الجسدية بهم، معللاً ذلك باستعطاف الناس واستدرار شفقتهم للحصول على بعض الأموال والمساعدات، مشيراً إلى أنهم يصبحون مصدر تكسب لممارسي العنف.
وأشار إلى أن الانحرافات السلوكية تؤدي إلى العنف وانتهاك حقوق الأطفال، كالشذوذ والإدمان وما يتبعها من انحرافات سلوكية ونفسية ينتج عنها تصرفات عدوانية ضد الأطفال، قد تصل إلى القتل أو الاعتداء الجنسي، أو إحداث عاهات مستديمة، أو عنف لفظي يؤدي إلى أذية نفسية للأطفال، منوهاً إلى أن مثل هذه الاعتداءات قد تحدث من الأقارب والمحارم. ولفت إلى أن انفصال الزوجين وعدم قدرتهما على التواصل وحل مشكلاتهم يؤدي إلى تفكك الأسرة، مما ينتج عنه إهمال الأطفال وتشرّدهم، وتعرّضهم لمخاطر لا حصر لها، لعدم وجود من يحميهم ويوجههم ويحافظ على حقوقهم لضياع المسئولية بين الزوجين.
وأرجع أسباب اتخاذ أحد أو كلا الطرفين هؤلاء الأطفال ورقة مساومة وضغط على الطرف الآخر، إلى الانتقام منه، أو لتحقيق بعض المكاسب على حساب حقوق هؤلاء الأطفال، مشدداً على ضرورة أن يكون علاج هذه الظاهرة بحزمة من الحلول، وأن لا تقتصر على جزئية واحدة، معللاً ذلك بأنه لن يكون مجدياً البتة. ورأى تقوية الوازع الديني وحث الأئمة والخطباء والدعاة والوعاظ بالتطرق لحقوق الطفل وبيان حرمة انتهاك هذه الحقوق، إلى جانب حث وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري على إعطاء هذا الأمر أهمية والتطرق له باستمرار واستضافة المختصين لبيان خطورة هذه الانتهاكات.
وطالب بتخصيص رقم موحّد ومميز يسهل حفظه من قبل الأطفال لدى جهات الحماية لتلقي البلاغات من الأطفال عند تعرضهم لأي أذى، إضافة إلى حل المشكلات التي تتعلّق بأحوال الأسر الفقيرة وغير المتعلمة من خلال برامج حكومية وشاملة. ودعا إلى تضمين مناهج التعليم في الصفوف الأولية بعض المواد الدراسية عن حقوق الطفل حتى يعرف الأطفال بعض حقوقهم، ودعم وتسهيل مهمات مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز الدور الذي تقوم به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان.