Al Jazirah NewsPaper Friday  27/02/2009 G Issue 13301
الجمعة 02 ربيع الأول 1430   العدد  13301
نفذتها جامعة القصيم بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز وشملت 1065 طالباً وطالبة
دراسة علمية تحذر من مخاطر الإنترنت على أبناء وبنات المملكة وتقترح برنامجاً وقائياً للمخاطر المحتملة

 

بريدة - بندر الرشودي

خلصت دراسة علمية ميدانية قامت بها جامعة القصيم ممثلة في عمادة التطوير الأكاديمي بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن نسبة وعي طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة في مناطق (الرياض - مكة - القصيم) كانت متدنية بالنسبة لمخاطر الإنترنت بصفة عامة، والمخاطر الشخصية والسياسية والدينية، ومخاطر الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، ومخاطر الموارد المالية، ومخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة. ولعل مرد ذلك الى انتشار استخدام الإنترنت في المنازل والمدارس، واختلاف اتجاهات الطلاب نحو مخاطر استخدام الإنترنت بصفة عامة، واختلافهم في إدراك الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، واختلافهم في طرق التعاملات المالية عبر الإنترنت، واختلافهم في إدراك مخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة.. وفي الوقت ذاته كان وعيهم بالمخاطر الشخصية والسياسية والدينية مرتفعا ولعل مرد ذلك لارتباطها بخلفية عامة لدى الطلاب والطالبات.

كما أثبتت الدراسة أن طلاب وطالبات المرحلة الثانوية أكثر وعيا بمخاطر استخدام الإنترنت بصفة عامة، ومخاطر الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، ومخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة. ولعل مرد ذلك إلى عدم اختلاف إدراك الطلاب للجوانب المرتبطة بالمخاطر الشخصية والسياسية والدينية والمالية، وهذا منطقي مع طلاب المرحلة الثانوية.

وقد بينت الدراسة أن هناك تباينا في استخدام الإنترنت بالنسبة لعامل النوع (طالب - طالبة) في المناطق الثلاث إذ وجدت الدراسة أن طلاب منطقة مكة المكرمة أكثر ميلاً لاستخدام الإنترنت بشكل أكثر خطورة من طلاب منطقة القصيم، ومن حيث التفاعل كانت طالبات جدة هن الأكثر خطورة في استخدام الإنترنت يليهن طلاب جدة ثم طلاب القصيم فطالبات القصيم.

كما وجد الباحثون أن هناك فروقا في عامل (المنطقة)، حيث وجدت الدراسة فروقا واضحة بالنسبة لعامل المدينة، فكانت أخطار الاستخدام للإنترنت الأكثر بالنسبة لمدينة الرياض يليها مدينة جدة، وأخيراً منطقة القصيم، وبالنسبة للتفاعل فكان طلاب مدينة الرياض الأكثر خطورة في استخدام الإنترنت، يليهم طلاب القصيم، وأخيراً طلاب جدة، أما بالنسبة للطالبات فكانت أخطار استخدام للإنترنت لدى طالبات الرياض هي الأكثر، يقترب منها استخدام طالبات جدة، وأخيرا طالبات القصيم.

وقد قامت هذه الدراسة على نوعين من مناهج البحث العلمي المعروفة. أحدهما المنهج الوصفي، الذي استخدمه الباحثون عند استعراض دوافع استخدامات طلاب وطالبات التعليم العام لشبكة الإنترنت، والاشباعات المتحققة منها، وكذلك عند استعراض أهم الأخطار المترتبة على استخدام شبكة الإنترنت وأساليب الوقاية من أخطار استخدام الإنترنت، وكذلك عند تطبيق مقياس الوعي ببعض قضايا الانحراف الناجمة عن استخدامات شبكة الإنترنت واستخلاص أهم الاستخدامات والاشباعات المتحققة منها من وجهة نظر الطلاب وأولياء الأمور والمتخصصين ممن لهم علاقة بالموضوع.

والمنهج الآخر هو المنهج التجريبي، حيث استخدمه الباحثون من خلال القيام باختيار عينة الدراسة من بين طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية بعدد 1065 طالبا وطالبة ينتمون إلى مدراس مختلفة في ثلاث مناطق رئيسية بالمملكة (الرياض، مكة المكرمة، القصيم).

حيث تم تقسيم عينة الدراسة من طلاب وطالبات هاتين المرحلتين إلى مجموعتين إحداهما تجريبية والأخرى ضابطة. إذ تم تصميم مقياس الوعي نحو قضايا الانحراف المترتبة عن استخدامات الإنترنت، ومن ثم تطبيقه تطبيقًا قبلياً على مجموعات الدراسة كاملة، ثم تم تصميم البرنامج الوقائي ليتم بعد ذلك تعريض المجموعات التجريبية فقط للبرنامج لمدة تزيد على الأسبوعين، ليتم بعد ذلك إعطاء كل المجموعات المقياس البعدي، ومن ثم مقارنة نتائج المقياسين القبلي والبعدي للمجموعات كاملة، وكذلك مقارنة نتائج المجموعات التي تعرضت للبرنامج (التجريبية) مع التي لم تتعرض له (الضابطة).

ومع ظهور عدد من المتغيرات التي تجعل من استخدام الإنترنت أمراً ملحاً كاستخدامها في المدرسة أو في المنزل أو لجمع معلومات حول موضوع معين، ومع تنامي ظاهرة الاستخدام السيئ للإنترنت، أصبح لزاماً على الآباء والمربين تعهد الأبناء بالرعاية والنصح والتوجيه، وبخاصة في المراحل المبكرة من حياتهم، حتى يتكون لديهم الوعي بما يحدق بهم من مخاطر، ويأتي ذلك لوقايتهم مما قد يتعرضون له في حياتهم المستقبلية.

ولكن بالنسبة لطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية على وجه التحديد فهم يمرون بمرحلة المراهقة ويتعرضون من خلالها لبعض المشكلات النفسية حيث يضطرب اتزان الشخصية ويرتفع مستوى توترها بحيث تصبح معرضة للانفجارات المتتالية، وتختل علاقاتها الاجتماعية مع أعضاء الأسرة وأصدقاء المدرسة. وتمتاز حياة المراهق الاجتماعية بأنها أكثر اتساعا وشمولا وتميزا، حيث ينتقل المراهق من حياة الطفولة إلى حياة الرجولة. وتمتاز الحياة الانفعالية بأنها لا تكون واحدة طوال هذه المرحلة ففي المرحلة الأولى تكون عنيفة، إذ نجد المراهق يثور لأتفه الأسباب, وقد يأتي استخدامه للإنترنت هنا ليفاقم من مشكلاته النفسية ويزيد من حدتها، ما لم تكن هناك أساليب وقائية وبخاصة في المراحل المبكرة من عمره.

وأكدت الدراسة الأكاديمية في هذا الصدد أنه ليس من المقبول أن تقدم برامج النصح والإرشاد للطلاب والمراهقين في المراحل المتأخرة من عمرهم، بعد أن يكونوا قد تعرضوا لمخاطر الإنترنت، ومن غير المنطقي أن نعالج قضايا الانحراف، بعد أن يكونوا قد وقعوا فيها بالفعل، ويتطلب الأمر هنا وضع أساليب وقائية لاستخدامات الإنترنت في كل الجوانب الأخلاقية والفكرية والدينية والأمنية، وتحديد المخاطر المرتبطة باستخدامه، حيث تم اقتراح برنامج وقائي للتوعية بمخاطر هذا الاستخدام على المستويين الشخصي والاجتماعي.

وتكمن فكرة البرنامج المقترح في تقديم برنامج توعوي مقترح للوقاية من أخطار استخدام الإنترنت وأثره في تنمية وعي طلاب وطالبات التعليم العام (بالمرحلتين: المتوسطة - الثانوية) وذلك في ضوء دوافع استخدامات الطلاب والطالبات للإنترنت والإشباعات المتحققة، ومن ثم التعرف على أثر هذا البرنامج في مستوى وعي الطلاب والطالبات ببعض قضايا الانحراف المرتبطة بالأفكار السيئة والناتجة عن الاستخدامات المتعددة لشبكة الإنترنت. ويتكون البرنامج من أربع رزم تعليمية رئيسية، تتكون كل رزمة تعليمية من ثلاث مديولات (برنامج فرعي)، وهي: الرزمة التعليمية الأولى: مدخل إلى استخدام الإنترنت، وتتكون من ثلاثة مديولات هي: المديول الأول: المفاهيم المرتبطة بالإنترنت المديول الثاني: استخدامات الإنترنت، المديول الثالث: خصائص الإنترنت. الرزمة التعليمية الثانية: مخاطر استخدام الإنترنت وسبل مواجهتها، وتتكون من ثلاثة مديولات هي: مخاطر استخدام الإنترنت، مواجهة مخاطر الإنترنت، ضبط أخلاقيات الإنترنت. الرزمة التعليمية الثالثة: جرائم الإنترنت، وتشتمل على ثلاثة مديولات: ماهية جرائم الإنترنت، أنواع جرائم الإنترنت، سمات مرتكبي جرائم الإنترنت ودوافعهم. الرزمة الرابعة: الإنترنت في المملكة العربية السعودية، وتشتمل على ثلاثة مديولات هي: خدمة الإنترنت في المملكة العربية السعودية، مقاهي الإنترنت في المملكة العربية السعودية، نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية.

وفي ضوء هذه النتائج أوصى الفريق بمجموعة من التوصيات التي تقي طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية من بعض قضايا الانحراف المرتبطة بالتجول عبر شبكة الإنترنت ومنها.

1 - تهيئة المناخ المناسب لتعرض الطلاب والطالبات في المرحلتين المتوسطة والثانوية لشبكة الإنترنت، من خلال توفير برامج وقائية يتعين أن يمر بها الطلاب والطالبات قبل تجوالهم عبر شبكة الإنترنت.

2 - استغلال تكنولوجيا الإنترنت وميزاتها الضخمة في عمل منتديات وقنوات اتصال بين المعلمين والطلاب في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية لتبادل الخبرات والتجارب حول استخدامات الإنترنت وأهم الإشباعات الإيجابية المتحققة منها.

3 - تدريب وتشجيع المعلمين على الاتصال بطلابهم من خلال الصفحات المدرسية الإلكترونية والبريد الإلكتروني، باعتبار أن عددا لا يستهان به من الطلبة لديهم خدمة الإنترنت في بيوتهم أو يذهبون إلى مقاهي الإنترنت، وذلك لشغل الطلاب بمواد تعليمية وواجبات مدرسية تحضهم على ارتياد المواقع العلمية والإطلاع على المعلومات التي تنقصهم واستكمالها، وفي الوقت ذاته كيفية تجنب المواقع الإباحية التي قد تظهر عبر تجوالهم.

4 - تبني تنمية ثقافة توظيف الإنترنت في تعلم ما هو جديد وتوظيف ذلك لأغراض التعليم والتعليم في المواد الدراسية المختلفة.

5 - تزويد الطلاب والطالبات بوصف مختصر لبعض المواقع المفيدة في المجال العلمي والتربوي والترفيهي والتثقيفي، وكيفية تحقيق أقصى إشباع منها.

6 - استخدام البرامج الوقائية وذلك على هيئة رزم ومديولات تعليمية مكتوبة، أو على هيئة برامج إلكترونية يتم بثها عبر شبكة الإنترنت لتنمية وعي الطلاب ببعض المخاطر التي تواجههم عند تعرضهم لشبكة الإنترنت، والعمل على تجديد المعلومات الواردة بتلك البرامج لتساير أهم التطورات والمخاطر والمستجدات في مجال استخدامات شبكة الإنترنت والتجول عبرها.

7 - الاهتمام ببناء برامج وقائية لطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوي والعمل على إكسابها للطلاب اما بدمجها في بعض المقررات الدراسية، أو بتدريسها كبرامج مستقلة، أو بجعلها وحدة في مادة الحاسب الآلي. ويفضل الاهتمام بتدريس هذه البرامج في المراحل الأولى من حياة المراهق، وليس بعد أن يكون قد اكتسب أنماطًا سلوكية يصعب علاجها. ويتم ذلك عن طريق مراجعة فلسفة المناهج ووضع أهداف استراتيجية تركز في جوهرها على استخدامات الإنترنت والاشباعات المتحققة منها، وسبل التغلب على مخاطرها.

8 - ربط المناهج باستخدامات الإنترنت وبخاصة البريد الإلكتروني، وغرف المحادثة والفيديو كونفرانس وغيرها وذلك من خلال إبداع مجموعة من الأنشطة التي يمكن إتمامها من خلال التجول عبر شبكة الإنترنت، كاستخدام الإنترنت في تعليم التاريخ والجغرافيا وثقافة الشعوب واللغة العربية واللغة الإنجليزية والتربية الإسلامية وغيرها.

9 - الاهتمام بتنمية مهارات التفكير الناقد لدى طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، وتدريبهم على استخدام هذه المهارات في تقييم صفحات الإنترنت المختلفة وتمييز الغث من السمين كالتمييز بين المعلومات القديمة والحديثة، والتمييز بين المواقع المخلة بالآداب والمواقع الإيجابية، وكذا تمييز المحادثات النافعة من الضارة، ومواقع الابتزاز المالي على الشبكات.. الخ.

الدكتور عبد الكريم بن عبد الله السيف، أستاذ تكنولوجيا التعليم وعميد التطوير الأكاديمي بجامعة القصيم أشار إلى أن هذا الجهد الذي قاموا به على مدار عام كامل شارك فيه ما لا يقل عن 30 باحثا ومساعد باحث، وانه ما كان ليتم لولا فضل الله وتوفيقه وعونه الذي مدنا الجهد والوقت والتوفيق لتطبيق هذه الدراسة التي لمست فيها حماس العاملين فيها على إنجازها لإيمانهم بأهميتها ومدى الحاجة الى مثل هذا البرنامج ولعل ذلك الوقود الحقيقي لنا كفريق عمل في هذه الدراسة ذلل لنا كثيرا من المصاعب.

كما أثنى السيف على جهود صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز - أمير منطقة القصيم - ومتابعته للدراسة. كذلك أشكر معالي مدير جامعة القصيم الدكتور خالد بن عبد الرحمن الحمودي على تذليله الصعوبات في سبيل تطبيق هذه الدراسة، والشكر موصول لمعالي رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل، وتسخير جهود المدينة لمثل هذه الدراسات ودعهما، وكذلك الشكر موصول لسعادة الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم العبد العالي مدير إدارة منح البحوث بالمدينة، وتجاوبهم مع متطلبات الدراسة. كما لا يفوتني شكر كل الزملاء والزميلات من مديري تعليم ومدرسين ومدرسات في مناطق الدراسة الثلاث الذين ساهموا إسهامات جبارة في تطبيق هذا البرنامج والتحمس له بشكل جعلنا جميعا نعمل بروح الفريق الواحد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد