Al Jazirah NewsPaper Friday  27/02/2009 G Issue 13301
الجمعة 02 ربيع الأول 1430   العدد  13301
عدد من المختصين يقيمون لـ«الجزيرة» ما بعد حرب غزة:
خطاب خادم الحرمين أوجد فرصة ثمينة تمهد الطريق لإصلاح البيت الفلسطيني

 

الجزيرة - منيرة المشخص

بالرغم من مرور قرابة الشهرين على توقف الاجتياح الإسرائيلي الغاشم على غزة وإن كان توقفاً غير مكتمل الجوانب فما زالت إسرائيل تمارس وحشيتها على أهالي غزة دون رحمة ولا هوادة بين الفينة والأخرى وجراء ما حدث سارعت أغلب الدول وفي مقدمتها المملكة بالتبرع المادي السخي ومعالجة الجرح أثناء وبعد الحرب.. ولكن يجعلنا نطرح تساؤلاً سريعاً: ماذا عن بناء غزة نفسياً وسياسياً ومادياً؟ كيف يمكن لملمة جراحهم من الداخل؟ هل بإعادة تشكيل الحكومة الفلسطينية وهي مكونة من جميع الفصائل؟ كيف يمكن منع تكرار تلك الحرب الوحشية التي تعرضت لها غزة لكي لا تتكرر في مدينة أخرى من المدن الفلسطينية مستغلين تلك الخلافات والفصائل الفلسطينية التي تعقد بين فينة وأخرى لمعالجة خلافاتها فما هو الحل لإيقاف الخلافات وتقريب وجهات النظر؟ طرحنا هذه التساؤلات على عدد من المختصين وخرجنا منهم بهذه الحصيلة من الإجابات:

بداية قال الأستاذ عادل الزعنون صحفي فلسطيني في وكالة الأنباء الفرنسية: من الواضح تماما أن إعادة صياغة الوضع الفلسطيني من أجل الإسهام في بناء الإنسان الفلسطيني أولاً هي الركيزة الأهم يفترض أن تشكل الأولوية لدى كل ألوان الطيف الفلسطيني ومن المرجح أن تحل المسألة على صعيد إعادة إعمار غزة بعد الحرب الإسرائيلي التي ربما هي الأشرس والأعنف لكن هذا يبقى مرهوناً بحل المسألة على مستواها السياسي.

وأعتقد أن حلاً يلوح في الأفق حيث إن اتفاق تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بات وشيكاً ومؤكداً إن لم تحصل عقبات إسرائيلية جديدة وبالتالي لهذا الاتفاق تداعيات إيجابية أهمها أن مصر تجمع حالياً الإخوة الفلسطينيين وهو وضع بالتأكيد سيؤسس لمرحلة جديدة في الشأن السياسي الفلسطيني بغض النظر عن النتائج التي سيخلص إليها هذا اللقاء وأردف عادل: أيضاً أشير إلى أن وضعاً جديداً في الأراضي الفلسطيني ليس بالسهل بل بحاجة إلى مزيد من الوقت وعمل اللجان الخمسة التي يجري الإعداد لها بما في ذلك تهيئة الأجواء على المستوى الإعلامي والسياسي والاجتماعي أيضا لإزالة شوائب تركها الانقسام الخطير منذ يونيو - حزيران 2007م وما له من تداعيات ليس أقلها النفسية والاجتماعية والمعنية.

وأضاف الزعنون: ومن هنا يمكن القول إن مشروع إعادة الأعمار الذي ستعرضه السلطة الفلسطينية على مؤتمر المانحين المقبل في مصر سيجد طريقه إلى التنفيذ بوفاق فلسطيني لأن مصلحة مشتركة لدى حماس وفتح ستقود في النهاية إلى هذه النتيجة وإن كان هذا أمر بحاجة أيضاً إلى مزيد من الوقت والجهد الفلسطيني والعربي.

وعن كيفية منع تكرار ما حدث من مجازر وما إذا إعادة تشكيل حكومة منظمة التحرير الفلسطينية لتضم جميع الأطراف ستكون حلاً لرأب الصدع بين الفلسطينيين فقد بيَّن الأستاذ عادل ذلك قائلاً: لا شك أن الانقسام في الوضع الفلسطيني وتداعياته أسهم في تسريع الحرب الإسرائيلي لأن وحدة وطنية فلسطينية كان يمكن أن تحول دون هذه الحرب إذا ما انتبهنا إلى عدة اعتبارات أهمها طبيعة المقاومة والتحرك السياسي والدبلوماسي المشترك.

ويواصل حديثة: وعندما تجد إسرائيل موقفاً فلسطينياً قوياً ومتماسكاً وموحداً أي بمعنى المقاومة والسياسة لن تجد مبرراً تسوقه أمام العالم لشن حربها وهجماتها.

وحول الوضع ذاته قال الدكتور وليد بن نايف السديري, أستاذ في قسم العلوم السياسية - جامعة الملك عبدالعزيز: لنعود قليلاً إلى الوراء وما جاء في قمة الكويت وعلى وجه التحديد ما قاله خادم الحرمين الشريفين في خطابه وهو أبرز أحداث هذه القمة وأعمالها.. حيث جدد الأمل في تصحيح الوضع العربي واحتواء الخلافات وتنسيق الجهود لحماية وخدمة المصالح والقضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين.. كان الخطاب عقلانياً، ومسؤولاً، وعملياً.. خطاباً سياسياً من الدرجة الأولى أكد أصالة السياسة السعودية وتميز ثوابتها.. فقد شَخَّصَ الإشكاليات العربية بصراحة ومسؤولية.. وبادر بالتسامح، ومد يد التعاون والأخوة، ودعا الجميع لتحمُّل مسؤولياتهم في نبذ الخلافات والتكاتف لمنع اختراق الصف العربي ولمواجهة التحديات المشتركة.. وجَرَّمَ لا إنسانية التدمير الجماعي الهمجي لغزة، وصَمَدَ معها عملياً بدعم سخي لأعمارها، ولَوَّحَ - بكلام له وزنه ومصداقيته - إلا أن فرص السلام تضيق وأن الوضع لا يحتمل.. ليؤكد من خلال ذلك على الدعم السعودي اللا محدود للقضية لفلسطينية والحقوق العربية.

لقد أعطى هذا الخطاب لقمة الكويت حيوية تحتاجها.. فَعُقِدَ لقاء التصالح العربي، وتجاوزت القمة الإشكاليات، ومضت في برنامجها.

وأضاف الدكتور السديري: وعلينا أن نُدْرِك أن الخطاب أوجد فرصة ثمينة تمهد الطريق لإصلاح وترتيب البيت الفلسطيني والعربي، وأن النجاح مرهون بصدق نوايا الجميع في التصالح، وبإخلاص جهودهم للسير في طريق التعاون لخدمة المصالح والقضايا المشتركة.

وأردف الدكتور وليد: وعودة إلى موضوع إعمار وبناء غزة نفسياً وسياسياً فأود أن أقول: لا شك في أن تبرع المملكة السخي لغزة (وطريقة صرفه المتوقعة) سيساهم بفاعلية في إعمار بنيتها الأساسية وتعويض جزء كبير من الخسائر المادية التي نكبت بها.. ويضيف قائلاً: والوضع السياسي اليوم خطير، وبلغ مرحلة حرجة، خصوصاً بوجود الخلافات الفلسطينية.. وأركز هنا على ضرورة اتحاد الجبهة الفلسطينية، لأنه أمر أساسي، بدونه تصبح الحقوق الفلسطينية مهددة بالتشتت والضياع.

من جهته يشدد الدكتور شافي بن عبد الرحمن الدامر رئيس قسم الدراسات العامة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ونائب رئيس الجمعية السعودية للعلوم السياسية, على أهمية اتفاق الفلسطينيين أنفسهم بقولة: بجانب الإعمار البنائي لغزة لا بد من أن يتفق الفلسطينيون على أسس موحدة لإدارة دفة شؤون فلسطين.

فبدون المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية لن يكون هناك إعمار حقيقي.. بل إن هناك عدداً كبيراً من مشاريع الإعمار والتطوير الموقوفة حالياً في القطاع لأسباب يعود جزء منها إلى الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني والجزء الآخر إلى عنجهية السياسة الإسرائيلية في (وباتجاه) القطاع.. فبدون إصلاح الشأن الفلسطيني سوف يكون هناك عقبات حقيقية أمام تفعيل هذا التبرع السخي الذي قُدم.

ويرى الدكتور الدامر أنه ولكي يمنع تكرار ما حدث يجب استئصال الخلافات بين الفلسطينيين أنفسهم ومن جذورها فأوضح ذلك قائلاً: لا يمكن منع تكرار ما حدث من مجازر بدون رأب صدع الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني.. لا بد من أن تعالج القيادات الفلسطينية الجذور الحقيقة للخلاف الدائر بينهم، ولا بد أن يكون هناك في نفس الوقت تضحيات كبيرة على حجم المسؤولية التي تتولاها القيادات الفلسطينية.

فبدون أن يكون هناك تنازلات سياسية وتضحيات فعلية لأجل مصلحة فلسطين وأهل فلسطين وقضية فلسطين العادلة فإنه من وجهة نظري لن يتوصل الفلسطينيون لحل يرضي الجميع.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد