Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/02/2009 G Issue 13300
الخميس 01 ربيع الأول 1430   العدد  13300
نوافذ
أين عمري؟
أميمة الخميس

 

نشرت إحدى الصحف الأسبوع الماضي حكاية لعضل فتاة ظلت معلقة من زوجها الذي رفض أن يطلقها لمدة عشر سنوات، بدعوى رغبته في استرداد قيمة مهرها كاملا.. عشر سنوات متصلة، كانت تلك الفتاة تنزف فيها صباها ووضاءتها وقائمة أحلامها بشريك وأطفال وبيت تغلق أبوابه كل مساء على المودة والرحمة، وكانت مقصية عن هذا خلف سلاسل التعنت البشري الذي لم يؤخذ على يده عبر قوانين واضحة وصارمة.

هذه القصة ليست حادثة نادرة أو عرضية؛ فلطالما سمعنا عن سيدات يغادرن بيت الزوجية لسوء العشرة واستحالتها، بحقيبة ملابسهن، ومن ثم يطلب منهن استرداد المهر كشرط للطلاق، ويغفل المجتمع أن بين قيمة المهر وصك الطلاق فترة زمنية قد سفحت فيها أولئك النسوة أعمارهن في غرفات منزل ذلك الزوج كزوجات وأمهات وأحيانا أخرى كخادمات.

المرأة في المجتمعات التقليدية تستمد قيمتها في سوق الزواج من البكارة والصبا، ولكن حينما تعاد لبيت أهلها كبضاعة ترد إلى الموزع الرسمي، لا يوجد قانون يعوضها عما فقدته تحت سقف علاقة فاشلة بل يطلب منها على النقيض من هذا بأن ترد للرجل أو المشتري.. قيمة البضاعة.

هذه الإشكالية التاريخية التي لطالما عانت منها النساء على مستوى الترجمة الخاطئة لكثير من تعاليم الشريعة، تحيلنا إلى واقع مرير بات يضج بالشكوى، ويعبر عن حاجة ملحة لتقنين الضوابط الشرعية، وذلك من خلال قانون للأحوال الشخصية يستوصي بالنساء خيرا، وينزلهن في المنازل الكريمة واللائقة بإنسانيتهن وفق ترجمة قانونية للأحكام الفقهية المتعلقة بهذا المجال.

في نفس المسار قدمت الزميلة هيا المنيع في زاويتها المتوهجة بجريدة الرياض طرحا متميزا حول أهمية دعم هيئة كبار العلماء بعدد من الأسماء النسوية المتفقهة وذات الخبرة الشرعية الواسعة، ولاسيما أن اتساع الهيئة وتطعيمها بكم واسع من المذاهب الفقهية يبث روح التسامح الإيجابي تحت سقفها، وأُثني على طرح الزميلة هيا وأشيد به، ولاسيما أن لدينا قطاعا كبيرا من الأكاديميات المتفقهات في أقسام الشريعة بجامعات البنات.

لأن وجود المرأة في ذلك الموقع الجوهري بالتأكيد سيمنح صياغة الفتاوى المتعلقة بالمرأة صورة واضحة وشمولية وتعكس ثراء مختلف المذاهب الفقهية في مختلف شؤون الحياة، ولن نبتعد عندها عن المشهد التاريخي لنساء في بيت الرسول عليه الصلاة والسلام، أسهمن بأدوار كبيرة في هذا المجال.

قضية عضل النساء، واختلاس أعمارهن، وهدر ماء الشباب، واستغلالهن كبضاعة أو شيء فاقد الإنسانية يجب أن ينظر لها بجدية وبعين الاهتمام، وواجبنا ألا نغفل عن قطاع نسائي كبير ما زال يرزح تحت ظلم وتعسف من ذوي النفوس الدنيئة، دون أن يتصدى لهم قانون أو مؤسسة عدلية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد