وجاء دور وزارة التربية والتعليم في طموحات التغيير! والحديث عن التعليم لو تعلمون طويل!! فلعل الله ينتشل هذه الوزارة الثقيلة الكبيرة من وضعها السابق إلى وضع أفضل، فلقد توالى عليها عدة وزراء، رغبة من القيادة في إصلاحها، وجرى تغيير اسمها، وتم دمج تعليم البنات فيها حتى أصبحت تنوء بحملها وثقل مسؤوليتها!
وكانت وزارة التربية إلى وقت قريب تحوي عدة وزارات، وتقوم بأدوار مختلفة بعيدة عن هدفها الأساس؛ إلا أنها تخلصت من بعضها كالآثار والمتاحف، وكليات المعلمين، وكليات التربية والآداب والاقتصاد والعلوم للبنات، كما تنوي تخفيف حملها من الصحة المدرسية.. والأمل معقود بتفتيت باقي أساطيلها وإسنادها إلى شركات متخصصة، يُعنى بعضها بالتوظيف والبعض الآخر بالصحة المدرسية، وإن بقي بعض فليختص بالمباني.. فلا بد من التخلص من مهمة متابعة المعلمين وتوظيفهم ومستوياتهم وإسنادها إلى شركة متخصصة بحيث يلتحقون بالمدارس جاهزين تعليماً وتدريباً وتأهيلاً، كما تُترك مسؤولية إنشاء المباني المدرسية لشركة أخرى، وتُسند لشركة ثانية مسؤولية الصيانة والنظافة، وشركة للنقل المدرسي ترتبط جميعها بوزارة المالية.. وتركز الوزارة جهودها على التربية والتعليم! حيث يُلاحظ انشغالها بكل شيء إلا بهذه المهمة السامية.
وإن فتحنا ملف التعليم فإنه ليس ذا شجون فحسب! وإنما ذو جراح وطعون! بل هو الثكل بعينه.. فالناظر لحال التعليم الحالي يأسى على الجيل القادم لضحالة فكره وضياع هدفه وفقدان مراده.. وإن لم يدرك النشء أهمية التعليم وتحديد الهدف وتمييز الطريق، فإن الوطن ليس بحاجة إلى حقيبته وكتابه وحتى قلمه.
وقبل أن تبدأ الوزارة في توصيل مفهوم هذا الهدف للأبناء، لا بد من إصلاح مضمونه وترميم مدلوله لدى الآباء والمربين.. ففي الوقت الذي يحاول المعلم فيه تنبيه الأسرة بمستوى ضعف ابنهم الطالب لا يجد التجاوب والاهتمام، بينما لو يضع هذا المعلم لنفس الطالب درجة متدنية بناء على مستواه، تجد الآباء يهبُّون ساخطين شاكينه مطالبين بالنجاح الوهمي حتى لو لم يستحقه، لأن أولئك الآباء يرون أن التعليم شهادة وليس تحصيلاً وتعباً وعناءً واستيقاظاً في الصباح واهتماماً ومتابعة.
والواقع أن التحدي الذي يواجه وزارة التربية والتعليم الحالية هو اضطلاعها بتحمُّل مهمة ترسيخ (ثقافة التعليم) وتغيير مفهومها الحالي بأنها ليست كتاباً يُقرأ ويحفظ، ومن ثم يُفرَّغ في ورقة الامتحان، أو على مسامع معلم ساخط على الطلبة بسبب قضية المستوى والإجازات، بل إن التعليم هو فهم واستيعاب، ومثابرة ودأب، وجد واجتهاد، ومنافسة حقيقية وسباق شريف نحو المجد، ومن يفز به يكن هو البار لوطنه أولاً ولنفسه ثانياً.
وأحسب أننا قد مللنا من تكرار أسطوانة مشروخة مفادها (أن التعليم استثمار في البشر)، ما لم تُنفذ هذه المقولة على أرض الواقع عبر معلم مخلص، وطالب مجتهد، ومنهج متجدد يحيط بعلوم الكون جلها ودقها.. وإن لم نفعل، فستبقى المدارس معتقلات للأجساد، وليست معاقل للعلم حين تبزغ فيها شمس موهبة تسطع أشعتها في أرجاء الأرض لتشرئب أعناق البشر نحوها، فلا تعجبوا حينئذ عندما تشرق لياليهم بشمس بلادنا!!
ص. ب260564 الرياض 11342
rogaia143 @hotmail.Com