أرجو أن تحمل النصيحة محمل الجد وألا يستخف أي من الوزراء القدامى ولا الجدد باختيار هذه الكلمات الرومانسية عنواناً للمقال؛ إذ إنني قد احترت ثم اخترت هذا العنوان خصيصاً لأنني وجدت فيه تعبيراً ليس عن واقع الحال بل لأنه على الرغم من مخالفته لواقع الحال فهو الأقرب لما يُرتجى من أي قرارات تحمل إيحاءات إصلاحية..
كما جاء في القرارات الداخلية الأخيرة بشأن بعض التعديلات الوزارية التي نرجو أن تمتد لتشكل إصلاحاً في بنية الحكومة كجهاز وكلوائح منظمة وكخطط استراتيجية وكرسالة وطنية وكتعامل يومي مع ما يشغل المواطنين من شؤون وشجون الخدمات من التعليم والإعلام إلى القضاء والهيئات المعنية بتيسير النظام وبالحفاظ على العدل العام.
ومما قوَّى حظ عنوان المقال أعلاه على سواه من عناوين أخرى هو حقيقة أن المواطن هو الأقدر على تحديد حاجاته وعلى توجيه النقد الإيجابي البناء للجهاز الحكومي وسواه من قطاع الخدمات باعتبار أنه المتعامل والمعني الأول بعمل عدد من الوزارات, وباعتبار آخر مواز في الأهمية أن هذا الجهاز الحكومي، وتحديداً في هيئاته الوزارية، ما قام إلا لأداء وظيفة وطنية رئيسية من صلبها تقديم عمل محترف ومتقن ومقنن للمواطن في شؤون الحياة الاجتماعية العامة بتوزيع عادل للخدمات بين المراكز الحضرية والأطراف. من العاصمة إلى أصغر قرية، وكذلك بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن الاختلافات القبلية أو المذهبية أو اختلافات النوع والعمر واللون أو القدرات أو أطر التفكير أو سواها من تعدد الأطياف الطبيعي بالمجتمعات المعاصرة. وكذلك أن يكون تقديم هذه الخدمات بأسلوب كريم؛ إذ إن ذلك من دواعي المحافظة على اللحمة الوطنية وعلى حفظ كرامة الإنسان في وطنه.
وإذا كنت لن أنسى أن أبارك للوزراء الجدد مواقع عملهم الجديدة. وأتوقف عند نائبة وزير التربية والتعليم السيدة نورة الفايز لأشد على يدها على ما نشعر أنه مكتسب وطني عام بتعيينها لهذه المهمة الصعبة من العمل وأقول لها معاً على طريق معبدة بالأمل، فإن من واجبي أن أوصل لجميع الوزراء كلمة صدق نزيهة تعبر عن صوت المواطنة والمواطن عبر هذا المنبر لتنقل لهم بعض مما يجيش في صدور المواطنين من أماني وما يدور في عقولهم من آراء وبعض ما يريدون أن يشافوا منه من آلام الخيبات. ومن ذلك بعض ما يردده المواطنون في السر والعلن بأمل أن يأخذه الوزراء في الاعتبار، سواء عند وضع الخطط المستدامة للعمل أو عند أداء المهام اليومية من متطلبات العمل ومسؤولياته. وهذا ما استخلصت بعضاً منه لأضعه أمام الوزراء على أمل أن يقرؤوه بأنفسهم ويتجاوبوا معه ولا يتكلوا فيه فقط على قراءات إدارة العلاقات العامة لهذه أو تلك من الوزارات. ونصيحة المواطن للوزراء على أمل تحويل حلم الإصلاح إلى فعل وحقيقة معاشة ما يلي:
1- أيها الوزراء الأعزاء.. تجنبوا التصريحات التي ليس لها مصداقية على أرض الواقع أو على الأقل إن كان ولا بد من تزيين الصحف بصوركم بجانب التصريحات فحاذروا أن تسرفوا فيها؛ لئلا يصاب المواطن في علاقته معكم بداء خيبة التوقعات أو أذى اليأس من جدوى التصريحات؛ فداء خيبة التوقعات داء عضال كفيل بأن يفسد أقوى العلاقات. كما أن أذى اليأس الذي ينتج عن التفريط في مصداقية التصريحات أذى لا يغتفر ولا يُنسى.
2- لا تعتمدوا في التعامل مع آراء المواطن على إدارة العلاقات العامة وحدها لتضعكم كما يحدث غالباً في مواقف دفاعية كان يمكن تفاديها بشيء من الشفافية والاعتراف باحتمال وجود القصور والعمل على تصحيحه.
3- لا تضعوا صناديق الشكاوي والمقترحات لمجرد تزيين ردهات المؤسسات بل خذوها مأخذ الجد ومحاولة الحل وليس الإحالة إلى سلة المهملات.
4- لا بد من إدارة قانونية فاعلة لكل الوزارات تراجع في ضوء مرجعيتها الحقوقية القضايا النظامية ولا تترك للمزاج أو الاجتهاد بدون سند موضوعي.
5- لا تشغلوا كل وقتكم بعيداً عن المواطن بما لا يحصى من الاجتماعات ولا تضعوا بينكم وبين المواطن حاجباً غليظاً ليس له من مهمة إلا قطع شعرة معاوية من جذورها أو قبل أن تنبت.
6- اسألوا أنفسكم قبل أن تُسألوا: من أين لكم هذا؟ ولا ترضوا - ولو بغمضة عين - عن أسباب الفساد.
7- تقبلوا النقد بل كونوا سباقين له؛ فليس مثل النقد الذاتي لتصحيح الأخطاء، كبرت أو صغرت، والذي لا يعمل هو وحده الذي لا يخطئ.
8- اصدقوا وشفوا في نقل الصورة إلى مجلس الوزراء ورئيسه الأعلى دون تجميل للصورة على غير ما عليه الأصل؛ فالمصارحة هي السبيل لتصحيح الأصل والصورة معاً
خاتمة خاصة
أختم بتذكير سبق أن ذكرته، وهو ليس من باب الاستعراض أو التحسر، بل من باب التذكير ببعض مطالب الإصلاح التي لا يزال المواطن يمني النفس فيها بطول الأمل.
فوزيرة للصحة وللتعليم بالكويت, وزيرة للصحة بالبحرين، وزيرة للاقتصاد بالإمارات، وزيرة للسياحة وأخرى للشؤون الاجتماعية بعمان ووزيرة لحقوق الإنسان باليمن وبعضهن كن زميلات على مقاعد الدراسة أو عملن معاً يداً بيد في منظمات دولية أو في الندوات والمؤتمرات وليس للمرأة السعودية إلا مزيد من العمل والتحلي بالصبر الجميل دون فقدان الأمل، خاصة بعد اكتساب موقع نرجو أن يكون مؤثراً ومبشراً في التعليم، وقد مضى نحو خمسين عاماً من بدء مسيرة تعليم المرأة. ومثل هذا القول يمكن أن يقال في غياب المرأة التام إلى الآن عن عضوية مجلس الشورى، وليس أملاً أقل بأن يطال الإصلاح الفسح بتأسيس الجمعيات الأهلية؛ لتكون هناك شراكة وطنية حقة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Fowziyah@maktoob.com