Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/02/2009 G Issue 13296
الأحد 27 صفر 1430   العدد  13296
الخويطر مترجماً للقصيبي!!
يوسف بن محمد العتيق

 

مساء الأربعاء الماضي أقام الشيخ عبدالعزيز بن عثمان آل سيف حفل عشاء بمناسبة تخرج نجله هشام من كلية الملك فيصل الجوية، وكان الضيف الرئيس (مع أن كل الحضور ضيف رئيس عند المستضيف) هو معالي الدكتور الوالد عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر الذي أتحف الحضور متحدثاً في عدة موضوعات معتمداً على ذاكرته الراقية في انتقاء القصص والنوادر التراثية والأدبية، مع تمثيل بقصص معاصرة من خلال ذاكرته الشخصية، كان من بينها ما يجري لبعض الناس من إلهام (أو كشف)؛ فيتحدث الإنسان لحضوره بحادثة لم يشاهدها في وقت وقوعها نفسه، وأنه حدث كذا وكذا، مع أن المتحدث بعيد عن الحادثة من الناحية الجغرافية؛ فيكون الكلام كما ذكر هذا الشخص المتحدث، ومثل الخويطر بقصة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين خاطب وهو في المدينة جيوشه البعيدة موجهاً لقائدهم سارية بقوله: (يا سارية الجبل)، ومثل ذلك روى لنا الخويطر ما جرى لزميله في أيام الدراسة وزميله في الوزارة (فيما بعد) عبدالرحمن أبا الخيل حين كان في وضع صحي حرج وتحدث بأمور حدثت كما قال عن وفاة والدته ورثائها بقصيدة، ثم تحدث عن موقف آخر حدث له شخصياً في عهد المغفور له الملك فيصل - رحمه الله - حين كان وبقية مسؤولي الدولة (آنذاك) في انتظار ضيف وكان إلى جواره وزير التجارة الأسبق محمد العوضي، فقال له العوضي: إن الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - هو الشخص القادم الآن (حيث إن هناك بينهما زجاجاً شبه مظلل)، فقال الخويطر: إنه ليس كذلك بل هو الذي يليه، وإن الأمير نايف وزير الداخلية سيلحظ دخول الأمير فيصل بن فهد؛ فيرحب به ويستقبله، وكان ما قاله الخويطر (مازحاً أو ملهماً) هو عين الصواب!

هذا جزء مما قاله الخويطر في هذا المجال، وفيما أعتقد أن هذه المسألة مبحوثة في كتب التراث (لا سيما التراث العقدي)، وهي ما يعبر عنها بالكشف وهو توفيق - أو إلهام - أو تنبيه رباني لأحد الناس لتصل منه أو إليه رسالة معينة، هذا ما يبدو لي من خلال قراءة سريعة في هذا الموضوع.

وتحدث الخويطر بعد ذلك عن انضباطية الوقت لدى الأمير سلمان بن عبدالعزيز ممثلاً في جانب القراءة،وذكر الحضور الأستاذ حمد القاضي بكلمة سبق أن قالها الخويطر عن الأمير سلمان بأنه (حكم نفسه قبل أن يحكم الناس).

وبعد ذلك تحدث الخويطر بكلام لا يُستغرب صدوره منه عن رفيق دربه معالي الدكتور غازي القصيبي، وعن الجوانب الثقافية في حياة هذا الرجل وثقافته العالية وموسوعيته، وأتذكر أنه تحدث في ثلاثة جوانب مهمة لدى القصيبي؛ فثقافته العالية أخذت نصيباً من حديثه، ثم تحدث عن شاعريته، وأنه يتحدث ويوثق بعض المواقف الطريفة شعراً.

والجانب الثالث الذي أثنى عليه الخويطر كثيراً في رفيق دربه القصيبي هو الجانب الروحاني وعنايته بالقرآن الكريم واهتمامه بتفسيره، ولن أقول ما قاله الخويطر من أنه نما إلى علمه أن للقصيبي تفسيراً أو شروعاً في تفسير القرآن الكريم أو شيئاً من ذلك!!

حتى أن الخويطر يقول مثنياً إنه يتصادف أن يصلي إلى جانب القصيبي إذا جمعتهم الظروف ويلمس من صلاة القصيبي تأنياً وتدبراً للكلمات لا نشاهده - للأسف - عند كثير من المصلين، ويقول الخويطر إن الإمام ينهي التشهد والصلاة مسلماً في حين لا يزال القصيبي مردداً لعبارات التشهد بلغة متأملة.

هذا ما قاله الخويطر في احتفالية عبدالعزيز السيف، ولست بصدد نقل حديثه عن رفيق دربه القصيبي لمجرد أن وزيراً أثنى على وزير آخر، بل أحببت أن أذكر جانبين يشكلان الفائدة الكبيرة من رواية هذا الحديث، وهما:

الأول: أنه منذ القدم وقد تعود الناس أن المتعاصرين أو المتزاملين في مكان ما قليل أن يثني أحدهما على الآخر بل شراكتهما قائمة على المنافسة، لكن الخويطر كان مثالياً بالثناء على هذه الجوانب الثقافية لدى صديقه أو زميله، وأتذكر أن كتب التراث تروي مقولة تقول: (إن المعاصرة أصل المنافرة)؛ أي أن كل متعاصرين لابد أن يتنافرا لاعتبارات معروفة، وتقول المقولة الأخرى: (أبت المعاصرة إلا أن تكون حرماناً)، مع أن الخويطر سباق في هذا المجال وهو الثناء على المتميزين بغض النظر عن أي جانب آخر، ولعل كتابه المميز (نز اليراع) خير شاهد على ذلك.

الثاني: أن رجلاً بمثل هذه النفسية في نشر ثقافة الثناء على المتميز يستحق التميز الثقافي والثناء من الجميع، ولعل تكريمه في هذه السنة في مهرجان الجنادرية خير شاهد على ذلك. ولعلي أختم حديثي هذا بأن الزميلة الأستاذة حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (ابنة صاحب الاحتفاء في هذه الليلة وشقيقة المحتفى به) كتبت ما يزيد على عشرة مقالات عن نتاج الخويطر في هذه الصفحة (وراق الجزيرة) في مشروع تنوي طباعته في كتاب مستقل تحت عنوان المكتبة الخويطرية الوراقية في إشارة منها إلى المتحدث عنه (الخويطر) ومكان النشر (وراق الجزيرة)؛ فآمل وأرجو الله أن يُتبنى هذا الكتاب ويُنشر قريباً؛ حتى يكون في مهرجان الجنادرية شاهداً على تكريم الخويطر. وأنا على ثقة بحماسة الأستاذ حمد القاضي لتبني مثل هذا العمل الذي يوثق شيئاً من السيرة العلمية والكتابية للخويطر.

للتواصل
فاكس - 2092858
Tyty88@gawab. com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد