Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/02/2009 G Issue 13296
الأحد 27 صفر 1430   العدد  13296
شواهد للتاريخ
منيرة ناصر آل سليمان

 

هل شاهدتم رجالاً يبكون يحملون أشلاء رجال؟ وشهداء فاضت أرواحهم أو غرغرت؟!

هل شاهدتم أولئك الصغار وقد ثقبت صدورهم وقلوبهم الصغيرة؟

وهل ملأت آذانكم صرخات أم ثكلى مفجوعة حد الانهيار؟ (يمه يا حبيبي) وهي تحتضن بعض أشلاء ابنها الشهيد!

وأخرى تطل في ثلاجات الموتى تبحث عن بقايا صغيرتها؟

وذلك الذي يطبع قبلاته على جثة صغيره قبل أن يواريه الثرى؟

هل راعكم مشاهد من هذا النوع؟

ما رأيكم بصغار قد أمضوا أياماً أمام جثث أهلهم المقطعة يتضورون جوعاً؟

وأم حامل تركض وقد أنهكها التعب تحمل جثة صغيرها لعله يكون حياً! وتجر آخر..

هل شاهدتم عيوناً زائغة خوفاً ورعباً.

أوفاتكم ذلك الشيخ الكبير يصرخ بما تبقى له من قوة وقد فقد كل عائلته؟

مشاهد وشواهد تكررت وكل يوم يحمل جديداً مخيفاً..

إنها إذن حرب إبادة، إبادة شعب كامل يمطرونهم بالقنابل من كل نوع، بعضها محرم وكلها محرم!!

يهدمون البيوت والمساجد والمدارس والمستشفيات ولم يعد مكان فيه مأمن..

كل ذلك وأكثر لا يحدث إلا لنا.. يفعلون بنا ذلك بدم بارد وفي مأمن شديد لأنهم يغتالون أناساً يفترض أن يكونوا خارج قائمة التعداد البشري! يفترض أن يكونوا ضحايا منذ ولدوا ومنذ سلبوا أرضهم..

هكذا يشعرون ولذلك يعملون!

فعلاً وينكم يا عرب؟

قالتها لي أيضاً بوسنية مسلمة التقيتها هنا تبكي بحرقة وتسألني (وينكم يا عرب؟)

فماذا أقول لها؟

حتى الآن يقف حرفي كدمعي مذهولاً!

فما عساه يقول أمام كل هذه البشاعة؟

كل شيء بدا قوياً، مفاجئاً ومؤلماً

كل شيء تصاغر، تقزم،

كل طعم صار مراً، علقماً

فماذا أقول

والحرف تناهى حد السخف؟!

بل صار رماداً

حين لاكته ألسنة لا تستحقه..

سامحينا يا غزة..

سامحينا يا تلك الأكف الصغيرة..

سامحينا وقد عرفت طريق الكرامة..

وأنت ترمين الحجر..

وتقفين أمام العدو..

سامحينا فقد خذلناك.



marrfa@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد