سبحان الله لم أكن أعرف أن تلك الزيارة القصيرة التي قادتني إلى مبنى الهيئة المركزية للتخطيط لزيارة أستاذنا وصديقنا الشيخ عبدالعزيز بن محمد أبو ملحة ستقودني إلى التعرف على شخصية مشرقة وجذابة ولبقة فقد كان حبيبنا أبا هشام رحمه الله يشاركه في نفس المكتب، ومنذ تلك الزيارة الخاطفة التي قادتني للتعرف على فقيدنا رحمه الله امتدت الصداقة والمحبة والتلاقي، وكان في بعض ذلك شيء من الفضل للمرحوم الشيخ عثمان عبدالجبار الذي عملت تحت إدارته في وزارة الزراعة بعض الوقت الذي تربطه بالفقيد علاقة قرابة وثيقة فقد كان خاله.. امتدت علاقتي بأبي هشام هذه السنوات شاهداً على مسيرة دربه وعلى علو كعبه اجتماعياً وثقافياً ومالياً، فقد عمل في فترة حياته مسؤولاً كبيراً في وزارة الداخلية للبلديات وشارك أيضاً مع رفيق دربه وأخ له لم تلده أمه الشيخ/ عمران العمران في وضع الأسس النظامية والقانونية لانطلاق هذه الوكالة إلى وزارة مستقلة فيما بعد، ولا شك أن الذي يعرف أبا هشام عن قرب مثلي وكثيرون يشعرون بالفقد الكبير لرجل همام صادق الكلمة صافي السريرة طيب المعشر يحسن الاستماع والحديث والمداخلات، وتجمع قائمة صداقاته قائمة طويلة من كافة طبقات المجتمع لم ينسيه ما رزقه الله من وجاهة اجتماعية ورحابة خلقية سعة في الأفق والمواطنة الخالصة أن يجتمع حوله كل هذا الطيف الاجتماعي من كافة طبقات المجتمع، فلقد كان يجد نفسه مع معشر الكتاب والأدباء أديباً وقارئاً فاحصاً ومواطناً صالحاً يعرف مصلحة وطنه وأهداف حكومته، كما كان عنصراً مالياً فعالاً ساهم في مسيرة العمل البنكي الدولي والمحلي وأصبحت مشاركته معنا سنوياً في محافل البنك الدولي في واشنطن ميزة كبيرة افتقدناها خلال العامين الماضيين، وكان أكثرنا مشاركة فاعلة في هذه الاجتماعات وخاصة منها ما كان يتم في البيت السعودي (مقر عضو المملكة في البنك) للقاء مع معالي وزير المالية ومعالي محافظ المؤسسة وقد درجت هذه الاجتماعات على كلمة لمعالي الوزير ثم محافظ المؤسسة ثم مندوبو المملكة في البنك الدولي وصندوق النقد وقد رد على إشارة معالي محافظ المؤسسة في أحد هذه الاجتماعات بإشارة ذكية ولطيفة منه أسعدت الجميع فقد كان معالي المحافظ يتحدث عن انخفاض أسعار المواد الأساسية في المملكة وانخفاض التضخم في إحدى السنوات فما كان من صديقنا أبي هشام رحمه الله إلا أن تدخل ليقول لمعالي المحافظ ومعالي الوزير (الوالدة تسلم عليكما وتأمل من معالي المحافظ أن يرشدها إلى البقالة التي يشتري منها تمويناته بالأسعار المخفضة) هكذا كان أبو هشام واقعياً في طرحه واضحاً في مداخلاته وأميناً على مسؤولياته، إننا نعزي أنفسنا أولاً في صديقنا الغالي الذي فقدناه كما نعزي زوجته وأبناءه وإخوانه وأهله وذويه، ونخص بالعزاء أبناءه وإخوانه وزوجته أم ياسر التي رابطت معه خلال الفترة الماضية وابنته منيرة وجمعاً كبيراً من أصدقائه ومحبيه وأرحامه وأقاربه وخلص أصدقائه مثل معالي الأستاذ/ محمد الفائز والشيخ/ عمران العمران وآخرون كثر لا يتسع المقام لذكرهم. رحم الله أبا هشام فقد كان رفيق درب وصاحب خلق ورجل شهامة. اللهم أسكنه فسيح جناتك وآنس وحشته واجعله في عبادك الصالحين مع الشهداء والأبرار والأصحاب الأخيار.{ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
dralhudaithi@cecorp.sa.com