شاء وقدّر فمرض كما شاء، وقدر له الرحيل، فرحل، وبمشيئته نرجو الصبر واستيعاب الفراق. وفي المرض ابتلاء وأجر الرحيل حق محتم، والرجاء بتوسل الصبر الوسيلة الممكنة، والدعاء العزاء لمن حس الفراق فعسى أن يتقبل الله.
أبتهل إلى ربي برجاء الرحمة والمغفرة لكل أموات المسلمين، والأحياء منهم، وكذلك من نعرفه أو على قدر من علاقة إنسانية معه، حيث تتلوّن الحياة بالحدث الذي لا غرابة فيه، فهو حق على كل العباد وتأخذ بنا ظروف من توفي منحى مؤلماً إذا تذكرنا معاناته وأمله وصبره، وفي الإيمان حل لكل قضاء، والجزع إيذاء وإثم، والألم في طبيعة الإنسان لفراق طويل المدى أو قصيره، والانسجام مع السنن الربانية المنهج الممكن لما تسنو به النفوس، ومع القضاء والقدر فهم لحواجز القوة والعجز، فهما نهاية المطاف، كما أن لكل راحل عبرة في جهده وصبره.. فلقد كان أبو هشام الأستاذ المرحوم عبدالله الحقيل، كان في حياته يكدح برؤى راشدة نحو استقرار كريم فيتبعه الكثير من الاستقرار الذي منّ الله به عليه، إلى أن فاجأنا مرضه، وهو الذي شق على النفس وتداعت معه المشاعر حباً ورجاء بالله أن يقدر له الشفاء، ولكن إرادة الله نافذة، فلا نجزع معها. فهي سنة الله في خلقه، والمشيئة التي جميعنا في سباق معها.
لقد عرفت الرجل بحكم كل الصلات مع بواكير عمري، ولم أعهد خلال هذه المرحلة أمراً تمنيت أن يدبر عنه، فلقد عرفته وأنا طالب في المرحلة الابتدائية وهو طالب في المرحلة الجامعية من دراسته، ورأيته قبل وفاته فكان في مكانه لم يتغير من شيء فيه إلا مكاسب على منهاج العمل والعلاقات المتميزة مع عدد كبير من الناس.
إن الحياة ما بين الولادة ويوم الأجل مقدرة نعيش جزءها الأول، ونعبر من على جسر الفراق إلى عالم لا نعرف عنه إلا ما أذن الله لنا كما جاء في صورة (ق).
تغمد الله الراحل الرجل بواسع رحمته وأرضاه ورضي عنه، إنه سميع مجيب.