بريدة - بندر الرشودي
تبذل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جهوداً جبارة للمساهمة في بناء الوطن وإعداد المواطن الصالح المتسلح بالعلم والمعرفة، ولقد أثمرت تلك الجهود على أرض الواقع، فعمّ نور العلم جميع أرجاء الوطن, واستنارت عقول أفراده حتى غدت قادرة على التعامل مع الثورة المعرفية العالمية الحديثة دون صعوبة أو تعقيد، منفتحة على العالم بخطى ثابتة تهدف إلى الاستفادة والمنافسة للجهود التطويرية التي تبذلها الأمم للوقوف على عتبة مرحلة جديدة من السعي الحثيث نحو تطوير النظم والمنظومات التعليمية.
وعلى الرغم من هذه المرتبة التي بلغتها جهود الدولة في نشر العلم والمعرفة والقضاء على الأمية بكافة أشكالها، إلا أن عجلة التطوير والبحث عن الكمال لا تقف عند حد معين, بل تستمر ما استمرت الأمة في التنامي والتقدم، ولذلك جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - حين التقى المسئولين عن التعليم في شهر رجب من العام 1426هـ بقوله (أتمنى أن تحملوا هذه المسؤولية بجد واجتهاد وتحسوا بمسؤوليتكم، وأعتقد أن هذه إن شاء الله فيكم، بيد أني أتمنى أن تزداد هذه المسؤولية، وأن تربوا أجيالنا الحاضرة والمستقبلة على الخير وعلى العدل والإنصاف، وخدمة الدين والوطن بصبر وعمل).
وهو أيضاً ما تطلع إليه سمو ولي العهد الأمين، الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي قال: (نحن اليوم على أعتاب تحول جديد في تأكيدنا وحرصنا على أن نخوض تجربة نوعية في تطوير برامجنا وخططنا وكوادرنا البشرية وتجهيزاتنا الفنية بما يحقق هدف الارتقاء بنوعية التعليم والتدريب والارتقاء بجودة المخرجات في جميع المؤسسات التعليمية والتدريبية).
ومن هذا المنطلق، قامت وزارة التربية والتعليم ممثلة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة بالقصيم بإنشاء أول قبة فلكية معلقة على مستوى العالم العربي بمجمع الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة وتأتي فكرة إنشائها بعد النجاح الباهر الذي حققه مرصد بريدة الفلكي والذي أنشئ على نفقة الشيخ علي بن عبدالله الراشد - أحد أعيان مدينة بريدة - هدفاً في تبسيط علم الفلك ونشر المعلومة وكثرة الزيارات المدرسية والوفود الرسمية من داخل المنطقة وخارجها لمشاهدة العروض العملية والعلمية في مرصد بريدة؛ مما ولد فكرة عمل قبة فلكية تؤدي خدماتها العلمية للزوار وازدادت الفكرة رسوخاً وقوة حينما عرضت على القيادات التربوية بوزارة التربية والتعليم فلاقت حماسا كبيراً أثمر دعماً لهذا العمل الرائد وتم الإنشاء والتصميم والتنفيذ على يد أبناء الوطن فترجموا الحلم إلى واقع من خلال إبراز أهم العناصر المعمارية حيث تظهر القبة الفلكية بلونها الفضي على الواجهة الرئيسية للقسم الثانوي وكأنها مركبة فضائية هبطت على الأرض. وتحتوي هذه القبة على قاعة عرض باستخدام أحدث تقنيات العرض الحديثة حيث تعرض في هذه القاعة الأفلام العلمية بأسلوب علمي شيق يكون فيها الزائر جزءاً من الحدث المعروض في الفيلم. كذلك يبرز المرصد الفلكي محاذيا للقبة الفلكية قاعدة مخروطية الشكل تعلوها قبة تغطي جهاز التليسكوب 16 بوصة يخدم الباحثين والمهتمين في هذا المجال. ويحتوي مرصد بريدة على قبتين إحداهما ثابتة والأخرى متنقلة وتتسع القبة الثابتة لثلاثين زائرا، وتتمتع بأحدث أجهزة العرض الفلكية المتعددة الاستخدام. وتعتبر القباب الفلكية اليوم مؤشرا هاماً من مؤشرات التحضر في الدول التي تنشئها. فبالإضافة إلى كونها صرحاً تعليمياً بارزاً في العملية التعليمية للطلبة وللزوار، فهي أيضا رمز حضاري يدل على الرقي والتقدم..
المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة القصيم الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الأحمد ثمن دعم القيادة الرشيدة لمسيرة التربية والتعليم بمختلف مناطق المملكة مشيداً باهتمام القيادات التربوية بوزارة التربية بتحقيق تطلعات ولاة الأمر من خلال العمل الجاد على إعداد جيل قادر على المساهمة في مسيرة البناء والحضارة التي تشهدها المملكة.
وأشار الأحمد ل(الجزيرة) أن القبة الفلكية تعد امتداداً لاهتمام إدارة تعليم القصيم بنشر ثقافة الفلك في أوساط المجتمع؛ حيث افتتح سمو أمير منطقة القصيم قبل سنوات مرصد بريدة الفلكي والذي يعد نواة مميزة لعلم الفلك، ثم تطور الأمر إلى إنشاء قبة فلكية معلقة تعد الأولى على مستوى الشرق الأوسط تدعمها قبة فلكية متنقلة يشارك فيها تعليم القصيم بمختلف المناسبات والمهرجانات التي تحتضنها مدينة بريدة والمنطقة بشكل عام.
مدير عام مجمع الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة الأستاذ إبراهيم بن عبدالعزيز التويجري أشار إلى أن القبة الفلكية تسعى إدارة التعليم من خلالها إلى نشر الثقافة العلمية الخاصة بعلم الفلك من خلال التعاون مع المؤسسات العلمية والهيئات التخصصية في تقدم برامج تساهم في دورها التعليمي في المجتمع والعمل على تحقيق التكامل العلمي بين إمكانيات مرصد بريدة بتقديم عروض علمية تخصصية, إضافة إلى العمل على جمع هواة الفلك، وذلك من أجل تطوير هويتهم الفلكية من خلال ترويض المعلومة وتسهيلها وتقديمها للطالب، وكذلك العمل على إيجاد شعبية لهواية الفلك وإشاعة الثقافة والوعي الفلكي بين مختلف طبقات المجتمع وإيضاح أهمية هذا العلم وعلاقته مع العلوم الأخرى، مثل: الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء وعلم الأرض وعلم البيئة والتكنولوجيا والاتصالات وغيرها من خلال نقل علم الفلك من الهواية إلى المنهجية، ومن الدراسة إلى التطبيق ونشر الوعي الثقافي العلمي لدى الطلبة خاصة وشرائح المجتمع عامة, مشيداً بدعم اهتمام تعليم القصيم بنشر هذه الثقافة في أوساط المجتمع. فيما أوضح المشرف على مرصد بريدة الفلكي بالمجمع الدكتور خالد بن صالح الزعاق أن المرصد يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف السامية من خلال إقامة المحاضرات الدورية (الفلكية أو العلمية) التي تقام في المركز خلال اليوم الدراسي أو في الفسح, إضافة إلى توزيع النشرات الفلكية الدورية وتوفير المجلات والكتب والأفلام العلمية, ونشر المقالات والأخبار الفلكية في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة وكذلك تنظيم المخيمات الفلكية داخل المجمع وخارجه والتي عادة ما تكون مخصصة لأحداث فلكية معينة مثل الخسوف والكسوف ورصد الكواكب والنجوم وغيرها.
كما أكد أن المرصد يقوم بتنظيم الأيام العلمية الفلكية مع الجامعات والمدارس والهيئات العلمية, إضافة إلى تنظيم الدورات الفلكية للطلاب والمعلمين.
مشيراً إلى أن القبة الفلكية لا تكاد تخلو من كثرة الزوار على مدار الساعة وخاصة من طلاب المدارس الذين يقصدونها من داخل مدينة بريدة ومن كافة محافظات ومراكز القصيم ومن مختلف أنحاء المملكة.