سيكون أمام بنيامين نتنياهو أقل من شهر لتشكيل حكومة جديدة لإسرائيل، بعد أن كُلِّفَ رسمياً من قبل رئيس الكيان شيمون بيريس، توافقاً مع ترشيحات الأحزاب الفائزة بمقاعد في الكنيست الإسرائيلي.
نتنياهو الذي يستند إلى قاعدة برلمانية تصل إلى 64 مقعداً، هي مجموعة الأحزاب اليمينية والدينية المتشددة، إلا أنه يحاول أن يشكل ما يسمى (حكومة وحدة وطنية)، ويقصد بذلك ضم حزب كاديما برئاسة ليفني الذي حصل على المرتبة الأولى بـ 28 مقعداً في الكنيست الجديد، متقدما على حزب الليكود بمقعد واحد (27)، إلا أن الحزب لم يحصل على دعم يشفع له بتشكيل الحكومة، فلم يسانده سوى حزب العمل وحزب ميرتس اليساري مع وقوف الأحزاب العربية 11 مقعداً على الحياد، ولهذا فلم تتعد الأصوات المؤيدة لها 45 مقعداً يضاف إليها 11 مقعداً للنواب العرب الذين يرفضون نتنياهو إلا أنهم لا يمانعون دعم ليفني دون المشاركة في حكومتها.
رغبة نتنياهو في تشكيل ما يسمى (حكومة وحدة وطنية) لم تجد حماساً بل ولا حتى رغبة من قبل حزبي كاديما والعمل اللذين فضلت قيادتاهما الانخراط في المعارضة، كلٍّ لأسبابه، فكاديما تسعى زعيمته ليفني إلى ترتيب صفوفه وانتظار فشل الليكود ليخلفه، فالتحالف الذي ينسجه نتنياهو بقيادة الليكود الذي يتكون من 64 مقعداً معرض للانهيار؛ لتعارُض أهداف ومصالح الأحزاب المكوِّنة لتحالف نتنياهو، فهناك تباين وتعارض كبير بين حزبي (إسرائيل بيتنا) و(حزب شاس)، فالأول حزب علماني، أما الثاني فحزب ديني يميني، وهذان الحزبان اللذان سيكونان ثاني حزبين بعد الليكود بالنسبة لعدد النواب مؤثران جداً في خريطة تحالف نتنياهو، وسيمارسان حتماً ابتزازاً للحصول على مكاسب ومصالح لقاعدتيهما الحزبية التي تستند إلى شريحة عنصرية، فحزب إسرائيل بيتنا، يضم المهاجرين اليهود من روسيا، وهم إضافة إلى علمانيتهم ونزعتهم اليسارية يتعارضون فكرياً وسلوكياً مع شريحة حزب شاس التي تضم اليهود الشرقيين المتدينين جداً الذين يتقوقعون داخل شرنقة التعاليم التوراتية، ولهذا فالحزب يصنف كحزب ديني رجعي متشدد، يسعى دائماً لانتزاع أموال لدعم برامج الحزب الدينية للصرف على إنشاء المدارس الدينية لليهود وتنفيذ برامج للصرف على مراكز الإيواء، وتوسيع مجمعات الحزب الخاصة باليهود الشرقيين، وكثيراً ما يبتز هذا الحزب الحكومات التي يشترك فيها وينجح في الحصول على أموال لدعم وتقوية الحزب، وهذا ما يجعله على خصام دائم مع الأحزاب العلمانية، ومنها حزب يهود روسيا، كما أن وجود أحزاب دينية وقومية شوفينية ومنها أحزاب المستوطنين يجعل نتنياهو أسير هذه الأحزاب، ويحوِّل حكومته إلى حكومة مشلولة تفتقد إلى أي مبادرة، ومحكوم عليها بإرضاء وتنفيذ طلبات الأحزاب الدينية، وإلا تعرضت للسقوط إذا ما لم تلبَّ طلباتها.
ولهذا وحتى إذا ما تمكن نتنياهو من تشكيل الحكومة الإسرائيلية في الفترة الممنوحة له، فلا ينتظر أن تعمر هذه الحكومة طويلاً، مما سيدخل الكيان الإسرائيلي في دوامة البحث عن حكومات معمرة؛ ما يعيدها إلى لعبة الانتخابات وفق الأسلوب الإيطالي الذي لا تعمِّر فيه الحكومات أكثر من عام أو أقل.. وهو ما ينتظر أن يصبح المهيمن على العمل السياسي الإسرائيلي ولفترة قد تطول.
jaser@al-jazirah.com.sa