الإعلام اليوم أشبه ما يكون بالهواء، لا يمكن لبشر أن يستغنى عنه؛ حيث لم يعد ترفا، ولكنه أصبح حاجة حقيقية وضرورة ملحة لفهم العالم والعيش فيه بسلام. نعم لا يستطيع إنسان اليوم أن يعزل نفسه عن الإعلام؛ إذ إنه هو حلقة الوصل بينه وبين العالم الذي يعيش فيه، فمنه يستقي الإنسان معارفه ومعلوماته، ومن خلاله يستطيع أن يكوّن أفكاره وآراءه، وعبر الإعلام يتمكن من تقديم إبداعاته ومبتكراته.
نجح الإعلام في أن يجعل من العالم قرية صغيرة يطالع فيها البشر أخبارهم وإنجازاتهم وعطاءاتهم، كما أسهم هذا الإعلام في تسهيل تبادل المعارف والتجارب بين البشر بشكل غير مسبوق؛ حيث أصبحت الحياة أكثر غنى وبهجة.
أصبح الإعلام إضافة رائعة للمسيرة الحضارية للإنسان على هذا الكوكب الرائع بالرغم من أنه أيضا أسهم في نشوء حروب وكذلك في نشر الرعب وأخبار المجاعات والزلازل وغيرها، وهو ما جعل من هذا الإنسان إنسانا قلقا وخائفا ومحبطا، ومع كل ذلك لا يسع الإنسان ولا يتصور مجرد تصور أن يقضي حياته دون أن يقرأ صحيفة أو يشاهد تلفزيونا أو يستمع إلى إذاعة أو يتجول في مجاهل الإنترنت متواصلا مع الآخرين في هذا العالم الواسع.
وبرغم سماعنا لأصوات تخرج من هنا ومن هناك من مناهضي الإعلام الذين يرون ضرورة مقاطعة وسائل الإعلام حفاظا على التواصل البشري إلا أن الغالبية من سكان الأرض لا تأخذ هذه الدعوات على محمل الجد؛ إذ لا تتصور أن تستقيم حياتها وتنتظم مسيرتها بسلاسة دون معايشة الإعلام.
في ظل هذا الواقع الذي يؤكد تغلغل الإعلام في حياة الإنسان المعاصر بشكل كبير يمكن لهذا الإعلام أن يتولى أخذ زمام المبادرة في صنع عالم أفضل، وذلك بتنبيه لقيم الخير والحق والجمال والتسامح والقبول بالتعدد والتنوع والوسطية وحق الاختلاف باعتبارها من القيم الأصيلة، وهو ما سينعكس إيجابا على واقع الإنسان المعاصر بشكل أفضل وأجمل.
مستشار إعلامي
Malmadi777@yahoo.com