أحسب أني لست الوحيدة التي كتبت عن الوزارات الثلاث التي تم تغيير قياداتها، وهي وزارة العدل، والصحة، والتربية والتعليم، وطالبت مع غيري بخطوات إصلاحية في الوزارات ذاتها.
فوزارة العدل رمز للبيروقراطية بكل إجراءاتها وتهالك جهازها الإداري، وتسويف قضاتها وكتّاب العدل فيها، برغم الدعم المادي من لدن القيادة؛ إلا أنها لازلت تعيش في القرون المظلمة بالجور والإجحاف، سواء فيما يتعلق بالأمور الشخصية للناس بحمايتها للآباء المتعنتين الذين يعمدون لزواج البنات القصر، ولا يراعون صغر سنهن ومشاعر أمهاتهن وقلة حيلتهن، أوالفصل بين الزوجين المستقرين في حياتهما فيما يسمى عدم تكافؤ النسب! وكذلك تأخير البت في قضايا الطلاق والخلع، وتكبيد المرأة مبالغ مالية أكثر من المهر الذي تم صرف جله في ليلة الزواج وشراء مجوهرات وأثاث ومقتنيات صادرها الزوج، وطالب بأضعاف المهر بتحريض وتشجيع من معظم القضاة الذين يريدون إرغام المرأة العودة لزوجها بدعوى تقليل نسب الطلاق، وهم لا يدركون أو لا تهمهم مآسي استمرار زواج فاشل آيل للسقوط تكابد فيه المرأة طغيان الرجل واستبداده.. عدا عن إسقاط حضانتها لأولادها برغم كفاءتها،وإخراجها من منزلها وتجاهل حق نفقة الأبناء، وعدم إلزام والدهم بها بالطرق النظامية أسوة بصندوق التمنية العقاري.
والحق أنني لم أسمع قط ولم أقرأ عن قاضٍ أنصف امرأة! وإني لأتمنى أن أقرأ أو أسمع عن ذلك قبل أن أغادر الدنيا! ولعل ظلم القضاة للناس سمة ابتلي بها العالم الإسلامي، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة: قاض في الجنة وقاضيان في النار).
وإن حدثتكم عن تأجيل المحاكمات التي تتعلق بالأموال وإعادة الديون والمساهمات بأنواعها والشيكات بدون رصيد، فالحديث ذو شجون! لاسيما حين تبين فساد ذمم بعض القضاة من تأخير البت في القضايا، وطلب إحضار الخصم من لدن المشتكي والمجني عليه، ومن ثم تأجيل الحكم فيها لحين حضور المتهم؛ مما يجعل القضايا تستمر لسنوات وعقود! ويختمها أو يسبقها استخراج صكوك الإعسار!.
وقد أشار وزير العدل السابق لسلبيات القضاء وسماها (تجاوزات) وما هي إلا تجاسر على الأحكام الشرعية، واستغلال الثغرات واستخدام المخارج، بل هو فساد ينخر بهذه الوزارة التي أسأل الله أن يلهم وزيرها الحالي الصواب ويحالفه التوفيق في مهمة الإصلاح الداخلي، ومن ثم التطوير الذي لا يمكن أن يتم إلا بالإصلاح.
والأمل معقود باستعانة المحاكم بتخصصات أخرى كالقانون والاجتماع في مسائل القضاء المدني والاجتماعي والأحوال الشخصية، وحل مشاكل الناس، وكذلك قضايا المرور، والمنازعات المالية. وضرورة توظيف سيدات للخدمات المساندة لمقابلة المراجعات، والاعتراف بالتوقيع عوضاً عن البصمة سيئة الذكر، والإقرار بالبطاقة الشخصية للمرأة بدلاً من إحضار وفود عائلية للتعريف بها، وإطلاق الأيمان المغلظة بأنها هي وليست غيرها، وهو ما أضاع حقوقاً كثيرة للمرأة حين يقوم ولي أمرها أو غيره بإحضار سيدة أخرى للتوكيل أو للتنازل عن حقوقها لأحد أقاربها أو زوجها في ظل ضياع الذمم أو تلاشيها. وأجزم أننا لا نختلف على أن إرساء العدل هو من أسباب استقرار الأمم وتقدمها!.
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب: 260564 الرياض 11342