ٌالجزيرة - عبد الرحمن السهلي
تباينت ردود أفعال مساهمين حول تراجع أرباح البنوك خلال العام الماضي والخسائر التي لحقت بعضها في الربع الأخير. إذ اتسم أغلبها بالقلق حول مستقبل أرباحها، وانعكس هذا القلق على أداء مؤشر قطاع البنوك الذي لا يزال مصطبغاً باللون الأحمر. على الرغم من أن هذه الفترة تعد موسم الحصاد لنتائج العام الماضي، حيث تتواصل عقد الجمعيات العمومية لإقرار التوزيعات النقدية والعينية (منح الأسهم). ويمكن الاستنباط من خلال القوائم المالية للبنوك خصوصاً قائمة التدفق النقدي بندين للمؤشرات السلبية. أحدهما بند الاستثمارات والآخر بند المدينين.
ويرى أستاذ المحاسبة في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالرحمن الحميد أن فهم أداء قطاع البنوك ونتائج أعماله لا يمكن أن يتم بشكل صحيح من خلال النظر إلى الأمور من زاوية واحدة أو باتباع أدوات تحليل غير مناسبة.
ويوضح خلال حديثه مع (الجزيرة): (انه من غير المناسب في مثل هذه الظروف الراهنة تطبيق التحليل (الطولي) عبر الزمن لنتائج البنوك، وذلك بمقارنة أدائها عام 2008م بأدائها الاستثنائي عام 2007م وما قبل، فالجميع يعلم أن أرباح البنوك في المملكة مرت بطفرة قوية نتيجة نشاطات الاستثمار المباشر وغير المباشر في سوق الأسهم (الطروحات الأولية، عمولات التداول.. إلخ).
وقال: (أسس المقارنة في مثل هذه الحالة غير طبيعية لأن المقارنة تتم بين سنوات الرخاء والطفرة مع سنوات القحط والشدة، لذا فإن التحليل المناسب لمثل هذه الظروف والأوضاع هو التحليل (العرضي) للقوائم المالية عبر المقارنة بين نتائج البنوك المختلفة في زمن واحد وظروف متشابهة).
ويؤكد أن أبرز المشاكل التي تواجه البنوك حالياً تنحصر في اتجاهين رئيسين أحدهما خاص بالاستثمارات وإعادة تقييم هذه الاستثمارات وفقاً للأوضاع الاقتصادية السائدة في العالم الآن خصوصاً بنود (الأوراق والمشتقات المالية) والذي لا يمثل نسبة عالية في أنشطة البنوك السعودية ولكن يوجد له أثر محدود.
والاتجاه الآخر هو ارتفاع مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها، فمن المعروف أن البنوك توجه جزءاً كبيراً من عملياتها التمويلية والإقراضية نحو الأسماء والبيوت التجارية المعروفة التي تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر بالأزمة العالمية، مما أدى إلى تأخير سداد القروض المستحقة عليهم للبنوك وبالتالي تم رفع مخصصات الديون المشكوك فيها لمواجهة هذه الظروف.
ويشير إلى أن هذين الاتجاهين ستجعل البنوك (تجفل) من عمليات الاستثمار والإقراض خلال الربعين القادمين من هذا العام.
وحول أثر الأزمة المالية العالمية في المصارف السعودية قال د. الحميد إن عملية تدفق الأموال حول العالم (الودائع، القروض، الاستثمارات) تعد حلقات متشابكة ومتداخلة لا يستطيع أحد فصلها، لذا فإن وجود الضرر حاصل لا محالة ولكن تختلف نسبته من بلد لآخر، ونحن في المملكة والحمد لله ننعم بسياسة نقدية متوازنة ورقابة قوية على نشاط البنوك وأعمالها من مؤسسة النقد التي كانت مدركة لحجم الأزمة المالية العالمية منذ بدايتها في عام 2007م، الأمر الذي ساهم في عدم استشراء أمراض هذه الأزمة في البنوك السعودية.
واختتم د. الحميد تشخيصه للأزمة المالية بالتأكيد على أن غياب إدارة المخاطر في البنوك عن اتخاذ قرارات الاستثمار خلال السنوات الماضية وترك قرارات الإقراض في يد المسوقين الذين يسعون لزيادة الأرباح دون الالتفات للمخاطر أدى إلى حدوث هذه الأزمة.
يُذكر أن البنوك السعودية المدرجة في سوق المال حققت أدنى مستوى للأرباح الفصلية خلال الربع الرابع من عام 2008م مسجلة تراجعاً بنسبة 24% مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه، كما سجلت بنوك الجزيرة والاستثمار والبلاد خسائر في الربع نفسه.