من يستطيع حل لغز المشاريع المتعثرة في بعض مناطق المملكة، ومن يستطيع أن يمنح الحصانة للمشاريع الجديدة، خصوصاً بعد أن أعلن عن مبالغ كبيرة تتجاوز المئة مليار ريال خُصصت لبناء وإنشاء المشاريع العملاقة في مناطقنا المختلفة؟ إنها مرحلة (أم المشاريع)، إن جاز لنا تسميتها هكذا؛ فهل نحن والقائمون عليها مدركون أهمية هذه المرحلة وانعكاساتها السلبية المحتملة إذا ما تعثرت - لا سمح الله - المشاريع الجديدة؟!
***
ولعل الأهم دائماً ليس طرح المشكلة، وإن كان إبرازها واجباً مهنياً إعلامياً إلا أن إيجاد حلول ممكنة وتحفيز الجهات ذات العلاقة سيأتي بمردود أفضل إذا ما كان الطرح واقعياً ومتماشياً مع التعليمات المنظمة لطرح وترسية المشاريع، ويأتي الحل هنا من باب أن المسؤولين في المناطق يقولون إن مشكلة تعثر المشاريع تكمن في سوء اختيار الوزارات للشركات المنفذة في حين يقول بعض المسؤولين في الوزارات إن أسباب تعثر بعض المشاريع يكمن في ضعف متابعة المسؤولين في المناطق لعدد من المقاولين، وبين هذا وذاك سيكون طرحنا للحل؛ فهل هناك مَن يقرأ ويتفاعل؟
***
* يقول المثل العربي قديماً: (اخطب لابنتك ولا تخطب لابنك)، وهذا ينطبق على الحل الذي أرى من الأهمية أن تتبناه المناطق التي ترغب في حل مشكلة تعثر مشاريعها، فمن غير المعقول أن تقف في خانة المتفرج، سواء عند ترسية المشاريع أو حتى تعثرها - للأسف - بحجة أن النظام أخرجها من ساحة الملعب الرئيسية؛ فواقع الحال يشير إلى أهمية التحرك الفاعل من لجان متابعة المشاريع في مجالس المناطق في اتجاه معرفة مواعيد طرح مشاريع المنطقة ومن ثم تحفيز وحث الشركات العملاقة والناجحة على الدخول في منافسات مشاريع المنطقة المهمة وعدم ترك الأمور تأتي بحسب ما تأتي به الرياح، وإنما عمل ترتيبات مسبقة تنعكس بالفائدة على مستقبل المشاريع وإنجازها وجذب بعض الشركات والمقاولين بأمانة وبمختلف الوسائل المشروعة والسليمة والمتاحة!!
***
وفي هذا الإطار أعجبتني الخطوة المهمة التي تبنتها الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل ورئيس الهيئة العليا لتطوير المنطقة، بإيجاد جائزة حائل لتشجيع البحوث العلمية في مجال بحوث الصحراء والمياه، وكم ستكون حائل ومشاريعها أكثر تميزاً لو تم إطلاق جائزة لأفضل المقاولين والشركات في مجال إنجاز المشاريع في المنطقة بأسرع وقت، خصوصاً أن هذه الجائزة، وإن كرم بها فائز واحد أو عدة فائزين دفعةً واحدةً، فإن التكريم بهذه الجائزة سيطول قرابة ستمائة ألف نسمة بحائل نالوا جائزة وثمرة إنجاز مشروع مهم من مشاريع البنية التحتية الرئيسية التي لا تزال المنطقة تفتقدها حتى الآن!!
***
لقد أثبتت المشاريع السابقة أن التحرك متأخراً لا يأتي بحلول شاملة ومؤثرة وإنما يكون (كالمسكن) لألم مزمن، وقد آن الأوان لاتخاذ خطوات أكثر فاعليةً وجدوى؛ فالمقاولون الناجحون الآن (يخطبون) والمناطق التي تريد أن تنجح تعرف كيف تجذب هؤلاء إلى مشاريعها؛ وبالتالي تستطيع أن تستتفيد وتفيد مناطقها عاجلاً من الدعم السخي من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، والعكس سيكون لمَن سيترك الأمور تسير (بالبركة)، وانتظار ما تسفر عنه الظروف الأخرى من فرص لمجيء مقاول جيد صدفة لمنطقة ما دونما حافز!!
***
ويبقى السؤال: ماذا ستعمل لجان مجالس المناطق من عمل مؤثر إذا ما صادف عملها مقاول ضعيف أو مقاول متهاون؟ وما الحلول يا ترى التي أمامها؟ وكم من الوقت سيمضي وهي تحاول إيجاد حلول مناسبة لإنقاذ المشاريع المتعثرة؟ وهل بعد كل هذا ستستطيع أن تنجح؟ وما الانعكاسات النفسية على المنطقة ككل إذا وُجد فيها أكثر من مشروع متعثر في ظل وجود ميزانية كبيرة ورغبة صادقة من القيادة لإنجاز مشاريع البنية التحتية للمناطق؟! إنها بالفعل مرحلة (أم المشاريع)، ولا بدَّ أن تكون هناك آليات جديدة لمعالجة الخلل وإلا استمر الحال وكانت خسارة الوطن والمواطن مضاعفةً، وبتنا جميعاً (متفرجين)، وبلا فاعلية!!