الهبَّة العربية والدولية التي تصدت للمزاعم الإيرانية في أحقيتها بأرض مملكة البحرين فرضت على (الوزراء الرسميين) الظهور علناً للتبرّؤ من أقوال (مستشاري المرشد).
الإيرانيون في الداخل يعلمون أن مستشاري خامنئي هم الذين لهم الغلبة، وأقوالهم وأفعالهم مقدّمة على وزراء أحمدي نجاد، بل وفي ميزان تصنيف مراكز القوى في إيران.. يعتبر العاملون في مكتب المرشد أهم من نجاد نفسه، ومقدَّمين على كل رؤساء المؤسسات الدستورية الإيرانية، من رئيس مجلس الشورى، إلى أمين مجلس الأمن الوطني، وحتى رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. فالشيء المؤكد أن (مرشد الثورة) منصبٌ في إيران يعدّ تجسيداً لما يأخذ به ملالي طهران لنظام ولاية الفقيه الذي يسير عليه بعض من معتنقي المذهب الشيعي.
فنظام ولاية الفقيه المطبّق في إيران، ويرفضه كثير من المراجع الشيعية العليا الأخرى، كالمرجع الشيعي حسين فضل الله، وعلي السيستاني، والحائري، والشيرازي والخالصي.. ولكن مع هذا، فهو مطبّق وبحزم في إيران؛ حيث يدَّعي السائرون والأخذون بهذا المنهج من التقليد الشيعي للاتباع من أن الولي الفقيه هو المكلف بالخلافة المكلفة حتى يخرج الإمام الغائب، كما يعتقد أهل الشيعة، ولذلك فإن الولي الفقيه، وهو كما يطبق في إيران (علي خامنئي) يعد وكيلاً للإمام الغائب حتى يخرج، وبالتالي فإن أحكامه، وتفسيراته وأقواله ملزمة على جميع مقلديه والتابعين له الذين اختاروه مرجعاً مذهبياً أعلى لهم.
هذه القاعدة الفقهية المذهبية عند أهل الشيعة، قضية خلافية، فليس كل شيعة إيران مقلدين لعلي خامنئي فكثير منهم مقلدين للحائري، وآخرون لعلي السيستاني، وبعضهم لحسين فضل الله وللشيرازي وحتى الخالصي ومنتظري، إلا أن النظام الرسمي وكل المؤسسات الرسمية الإيرانية لابد أن يدينوا بالولاء المطلق لمرشد الثورة الإيرانية الذي يعدّ المرجع الشيعي الأعلى -حسب تصنيفهم- وأنه (الولي الفقيه) الموكل بخلافة الإمام الغائب والقيام بأعماله، ومن أهمها: توجيه الحكم وتفسير النصوص الدينية، وتوضيح الأحكام الشرعية، وهو ما يجب أن ينفذه الإيرانيون.
ولهذا، فإن الولي الفقيه (مرشد الثورة الإيرانية) هو الآمر الحاكم الذي تُرجع إليه الأمور ولا يحق لأي شخص أن يراجعه فيما يتخذ من أحكام، أو يعلن من آراء. أما باقي المسؤولين من رئيس الجمهورية ورؤساء المؤسسات الدستورية والوزراء، فإنهم مسؤولون أمام مرشد الثورة الإيرانية (الولي الفقيه) في تنفيذ توجيهاته وسياساته، ولأن السلطات في إيران الثورة متداخلة، فإنه وحده الذي يفصل بين رؤساء هذه السلطات عندما يختلفون، إلا أن الإيرانيين يعرفون، ومن خلال ما مرَّ بهم من سير العمل السياسي، مَن هم الذين لهم (الحظوة) والأكثر تأثيراً في عملية صنع القرار السياسي في إيران حالياً. حيث وجدوا في الحلقة الضيقة المحيطة بالولي الفقيه الأكثر تداخلاً وتأثيراً على هذا (الولي) وهم الذين يطلق عليهم (المستشارين) في مكتب مرشد الثورة، والذين لقرب أفواههم من أذن المرشد فإنهم أكثر تأثيراً وقرباً من الآخرين بمن فيهم الوزراء وحتى الرئيس التنفيذي (رئيس الجمهورية).
وعليه، وبناء على كل ما تقدم، فإن تبرع وزير أو ناطق باسم وزارة الخارجية بنفي أقوال مستشار في مكتب (الولي الفقيه)، كالمستشار شريعتمداري المستشار الإعلامي وناطق نوري كبير المفتشين في مكتب الولي والذي تهدد تقاريره مصير أي شخص في نظام طهران بمجرد أن يعتبره نوري معاديا للثورة، ولأنه يهدد نفوذ (الولي الفقيه) لذا يجب بتره وعزله، مثلما حصل للمرجع الشيعي الأعلى منتظري.
إذن، فإن تبرع وزير أو ناطق باسم وزارة لا يقلل ولا يؤخذ به ولا يخفف من أطماع إيران في أراضي جيرانها العرب، سواء، أرض البحرين أو جزر الإمارات وأرض الأحواز العربية، وإذا كان الإيرانيون صادقين في نبذهم لهذه الأطماع، فعلى مرشد الثورة أن يبادر لإنهاء هذه المسألة التي تزعج العرب جميعاً ومنهم أهل الشيعة في الخليج... والذين بعضهم يقلدونه.. وهم لا يريدون أن يشكك أحدٌ في ولائهم الوطني خدمة لأطماع طائفية تبعدهم عن نسيجهم القومي والوطني، ولكي ينهي المرشد هذا الإزعاج عليه أن يحسم الأمر ويعلن بوضوح سيادة البحرين على أرضها وأنها دولة مستقلة.