من الألفاظ ما يوهم عند سماعه ويحوّل متلقيه إلى معنى آخر غير المعنى الذي جاء في السياق الذي سمعه، فحينما نسمع من أحدهم لفظة (طَبْل الطبُول) ربما ننقسم إلى قسمين في تفسيره، قسم منا يرى أن المقصود بذلك أكبر الطبول، والقسم الآخر ربما فسره بوقع الأكف على الطبول أي - طبْلها - وهو ضربها.
|
قال ابن منظور في معجمه - لسان العرب - الطّبل الذي يضرب به وهو ذو الوجه والوجهين، والجمع أطبال، وطبول، والطبّالُ صاحب الطبل وفعله التّطبيل، وحرفته الطبّالة، وقد طبل يَطْبُلُ.
|
وهو كما نعرفه باسمه آلة طرب كانت قديماً بل وحديثاً، تصاحب المغنيين منفردة أي لا يصاحبها آلة طرب أخرى كالعود والناي وغيرهما، ولها أهمية في العرضة النجدية وغيرها وفيما يعرف بالسامري الذي اشتهرت به قصائد الشاعر المعروف محمد بن لعبون.
|
وقرع الطبل في الزمن السابق يحدث نشوة حينما تنشب حرب بين دولة وأخرى، وتحرك القصائد التي يُتغنى بها على الإيقاعات باللهجة العامية التي تعرف بالقصائد الحربية في نفوس المحاربين حماساً يدفعهم لملاقاة العدو.
|
والطبل له وجود في بعض الأشعار وقرعه ليس موقوفاً على تهييج الناس للحرب كما كان في الزمن السابق وإنما يكون لأغراض أخرى كمناسبات الأفراح وبخاصة في الأعياد وأناشيد الأطفال الذين يستمتعون بسماعه، وربما كان لهم رقصات على إيقاعاته كيف لا والشاعر العراقي معروف الرصافي 1875 - 1945م قد صنع قصيدته (اليتيم في العيد) التي ترجم فيها مشاهدته لجمع من الأطفال الذين تجمعوا حول الطبل في صباح عيد من الأعياد، وأثار انتباهه صبي كان كئيباً من بينهم لأنه لم يلبس جديداً، حيث اليتم والفقر المدقع قد ميزه عن أطفال الأغنياء بما يرتدي من ملابس خلقه جلبت له الحزن الذي جعله لا يُسرُّ بقرع الطبل. تلك القصة المؤثرة جداً بإبداعها في رسم الصورة المؤلمة التي وصف فيها حالة ذلك الصبي الكئيب، والتي منها هذا البيت:
|
على كثر قرع الطبل تلقاه واجما |
كأن لم يكن للطبل ثمّة مَقْرِع(1) |
(1) ديوان الرصافي ص60 الطبعة الرابعة عام 1373هـ، دار الفكر العربي. |
|