في استطلاع أجري قبل عدة أعوام في عدد من مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة في المرحلة الابتدائية تمنى أغلبية البنات لو أنهن خُلقن أولادا! هذه النتيجة تعطي مؤشراً على عدم الرضا عن الذات أو عن الجنس..
.. وهذا (عدم الرضا) ليس متأصلا أو فطريا، إنه بالتأكيد انعكاس لنظرة المجتمعات تجاه المرأة؛ فلو أن أولئك البنات الصغيرات وجدن أو سمعن أن المجتمع يقدر المرأة ويمنحها حقوقها لما تمنين أنهن أولاد؟! وتلك المشاعر تعلنها الفتيات في كثير من المجتمعات العربية كردة فعل تجاه ما تعانيه المرأة من سيطرة أحيانا تصل إلى الظلم ومنعها من الحصول على حقوقها وتحجيرها في سياج من تقاليد لم يأمر بها الدين الذي تعامل مع المرأة بما تستحق من التقدير والاحترام. المجتمع يفرق بين البنت والولد منذ الصغر، حتى وإن كان الولد فاشلا من أين ما وجهه أبوه لا يأتي بخير؛ فهو في عرف المجتمع أفضل من البنت!
المرأة يعتقد المجتمع أنه يحميها وإذا به يهمشها ويمنعها من أن تكتسب ما يعينها على فهم الحياة بشكل صحيح، ورغم ذلك فهو يطالبها بأن تكون أما وزوجة مثالية! تمييز عنصري متعمد ينظر إلى المرأة حتى لو كانت أُمّا على أنها درجة ثانية بعد الرجل رأيا وفكرا وثقافة، يسعى المجتمع إلى تجهيلها وتسفيه رأيها وفي نفس الوقت يطالبها بأن تكون عمود البيت وأن تبني أسرة مثالية! والبناء الأسري يحتاج إلى عناصر تتمثل في الإيمان والثقافة والاطلاع وتحمل المسؤولية والقدرة على الحوار مع أبنائها، لكن (الأم - البنت) المكتومة والمكبوتة الرأي والمشاعر في بيوتنا هل تستطيع أن تكون لها شخصية إيجابية ولها رأي وأن تشغل بكفاءة مكان (سي السيد) في غيابه.
وعندما تتزوج الفتاة فغالبا ما تنتقل معها صفة اللا رأي واللا شخصية لتصبح مجرد جندي بشريط تحت قيادة ضابط يجب أن تطاع أوامره! أزواج كثيرون يهمشون زوجاتهم حتى أمام أبنائهم ويسفهون رأيهن وفي حالة غيابه يريد من تلك الزوجة المسلوبة الإرادة والشخصية أن تضبط وتربط البيت، يهدم شخصيتها أمام الأبناء ثم لا يتوانى عن مطالبتها بأن (تقود) الأسرة وهو لم يمنحها أساسا رخصة القيادة!
alhoshanei@hotmail.com