عندما تضيق برتابة الحياة ونمطية إيقاعاتها المغرقة بالمادية تهرع إلى فضاءات الكلمة الجميلة، والقصيدة الرومانسية الأخاذة.. تلك التي تسافر بك على جناح الحرف من هجير الزمن إلى وهج البهاء.. قبل ليلتين كان بين يدي ديوانا الشاعر الرفيق د/ عبدالعزيز خوجة (بذرة المعنى) و(حنانيك).
لقد استمعت ورحلت وأنا أقرأ عديداً من قصائد الديوانين التي تفيض صدقا وتنبض جمالا، إذ فيها رقة الحرف، وجماليات الشعر.. وتوقفت عند تلك القصيدة البالغة التأثير (أطلال) التي يخاطب فيها الشاعر (أمه) يحده الظمأ إلى دفء صدرها هاربا من صقيع هذا العالم.. إنه يترنم بصوت صادق شجي:
(أماه إني قد أتيت -
- وفي يديَّ طفولتي
وتركت خلفي كل أحلام الشباب
وبحثت عن يدك النحيلة
كي تعانق أوبتي
ورأيتها ممدودة عبر السحابْ
وكأنها طوق النجاة لحيرتي
وقفزتُ ألثمها أعانقها
فعانقني السرابْ
أماه - هل ضاع الندى
وهتفت يا أماه في
جوف المدى
رُدّي عليّ فرحتي
فأجابني مستوحشاً
وَجَع الصدى)
أما في ديوان (حنانيك) باكورة دواوينه فقصائد الديوان نشيد عذري نقي تتكئ على ساعد الحب النقي وتنساب هتَّانا مخضَّباً بالوله.. وقد شدتني قصيدة (حنان اللقاء) التي يجسد فيه الشاعر شوقه وظمأه إلى قلب الحبيبة.. ليطفئ حريق بعاده برحيق وصالها، ودفء وفائها.
(أتيتُ إليك بشوق الطيور
لوكر يقيها ظلام المساءِ
أتيتُ إليكِ فراشةَ حب
أعانقُ فيكِ سناءَ الضياء
فيا واحتي في صحارى الحياة
أفيء إليكِ فأنسى عنائي
فما همتُ يوما بغير عيون
تعلمتُ منها أغاني الوفاء)
استشرف - أخيرا - ألا تسرق هذا الشاعر الرقيق الذي أطلق عليه المرحوم الكاتب عبدالله الجفري (شاعر الصهيل الحزين) هموم الوزارة عن رقة العبارة.. بل لعله يجد في (واحة الكلمة) ما يخفف عنه هجير العمل، وله في زميله الشاعر السفير غازي القصيبي قدوة، ففي جميع مناصب ومواقع عمله كانت (القصيدة) راحته بل راحلته إلى فضاء المتعة والجمال والارتياح.
***
-2-عندما تنفتح رحمة الله
** قرأت هذه القصة المؤثرة التي تفتح نوافذ الأمل، وأبواب رحمة الله أمام الإنسان مهما كان مخطئا إذا استطاع أن يجعل بينه وبين ربه صلة بعبادة أو استغفار أو إحسان.
في هذه القصة المؤثرة: (يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: كنت أسير في طريقي فإذا بقاطع طريق يسرق الناس، ورأيت نفس الشخص (اللص) يصلي في المسجد، فذهبت إليه وقلت: هذه المعاملة لا تليق بالمولى تبارك وتعالى، ولن يقبل الله منك هذه الصلاة وتلك أعمالك.. فقال السارق: يا إمام، بيني وبين الله أبواب كثيرة مغلقة، فأحببت أن أترك بابا واحدا مفتوحا، بعدها بأشهر قليلة ذهبت لأداء فريضة الحج، وفي أثناء طوافي رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة يقول: تبت إليك.. ارحمني.. لن أعود إلى معصيتك..
فتأملت هذا الأواه المنيب الذي يناجي ربه، فوجدته لص الأمس فقلت في نفسي: ترك بابا مفتوحا ففتح الله له كل الأبواب).
** هذه القصة لا تحتاج إلى كثير تعليق.. حسبها أنها تشرع نوافذ الأمل أمام المخطئين، والمؤمن الحق لا ييأس من رحمة الله عند شجون الدنيا، وفي أمور الأخرى!.
***
-3-الوفاء امرأة..!
** بهي الوفاء!
والأبهى عندما يكون منبع الوفاء امرأة!
(المرأة) أوفر جمالا وبهاء ورقة عندما يتخضب قلبها بدفء الوفاء كما تتخضب كفاها بوشم الحنا!
هل أبهى من (امرأة) يتدفق الوفاء من ضفاف مشاعرها نحو الغالين عليها: أماً أو أباً أو ابناً أو بنتاً أو زوجاً أو حبيباً.
هنا تكون مفردة الوفاء هي الأنضر في سيرتها وتقاسيمها.
الرياض 11499 - ص.ب 40104
فاكس: 014565576
Hamad.Alkadi@hotmail.com