كرّمني الأديب المتعدد المواهب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بإهدائي نسخة من مجلد ضخم يقع في (750) صفحة بعنوان (التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية) وهو المولود البكر لمؤسسة الفكر العربي التي أنشأها سموه حفظه الله قبل نحو عشر سنوات بجهد وتمويل متميزين، وأتذكر بفخر أنني كنتُ أحد شهود ولادة هذه المبادرة العملاقة عبر اجتماع في مكتب سموه بإمارة منطقة عسير، حضره بعض رموز الثقافة في المملكة والوطن العربي، من بينهم الدكتور أحمد الربعي (رحمه الله)، والدكتور تركي الحمد، وآخرون.
**
ويعرض التقرير أبرز المستجدات والإنجازات والتحديات في خمسة قطاعات ثقافية هي: التعليم العالي، الإعلام العربي، حركة التأليف والنشر، الإبداع، الحصاد الثقافي السنوي، ففي قطاع التعليم العالي، تمثيلاً لا حصراً، يتحدث التقرير عن موضوعات مهمة مثل أزمة ضبط الجودة في الأداء، والفرص الدراسية المتاحة والضغوط المتضاربة في انتقاء التخصصات إضافةً إلى موضوع المرأة في التعليم العالي.
**
كما يورد التقرير عرضاً مفصّلاً لأبرز ملامح الحراك الثقافي خلال عام 2007م، إلى جانب الأُطر المؤسسية للعمل الثقافي العربي وجوائز الإبداع الثقافي العربية أسماءً وانتماءاتٍ ومحطات اهتمام عبر الوطن العربي.
**
وفي ظني المتواضع أنه لا غنى لأي متابع مهتم بالحراك الثقافي العربي، أفراداً ومؤسسات، عن اقتناء هذا المجلد النفيس، لأنه يضع بين دفتي كتاب خلاصات موثقة لأبرز وأهم محطات حراك الثقافة في الوطن العربي خلال عام، بدءاً بعام (2007م).
**
وأخيراً وليس آخراً، استضفت الإهداء الثمين بترحيب بالغ عبّرت عنه في رسالة خاصة إلى الأب الروحي لهذا المشروع الثقافي الرائد، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، اقتطف منها السطور التالية (مع شيء من التصرّف).
((.. يأتي هذا المجلد، محتوى ومعنى، شاهداً بيّناً على نبوغ المبادرة التي سنّها سموكم حفظكم الله بإنشاء هذه المؤسسة العملاقة لتنمية وصيانة ثقافة الإنسان العربي في أطيافها وأطرافها المتعددة، وهي بحق مبادرة مبدعة لعدة أسباب، من أهمها أن المؤسس لها (مبدع) فيما يقوله ويفعله، مسؤولاً ومفكراً وشاعراً وناثراً ومتحدثاً وإنساناً، وهو بهذه الخطوة الجريئة وغير المسبوقة في الوطن العربي، قد أقام للثقافة العربية حصناً منيعاً، ممثلاً في اللقاءات والمؤتمرات المتكررة على هامش (الفكر العربي) يتناول من خلالها هموم الإنسان العربي فكراً وتربيةً وتنميةً وإبداعاً، حتى غدت المؤسسة بحمد الله على مدى سنوات معدودات بيتاً آمناً للثقافة العربية يؤمها أهل الثقافة والفكر عبر كل الدروب والاتجاهات والاهتمامات ليتناحروا ويتشاوروا ويتجادلوا بالتي هي أحسن، هدفهم الأسمى.. إضاءة شموع تستنير بها العقول ولا تحترق، وتوحّد النفوس ولا تتفرق، بل تتعامل مع (اختلاف الرأي) بروح الفهم السوي للاختلاف، حتى يصل المتحاورون إلى (كلمة سواء) بينهم، لكنّهم يبقون تحت مظلة الفكر العربي أخوة لا يضرُّهم من اختلف معهم، ولا يضيرهم من اختلفوا معه، ما دام الجميع ينطلقُون مما يرونه حقاً، وينتهجون في سبيله دروب الخير المتاحة لهم عقلاً وعدلاً، بعيداً عن محنة إقصاء من اختلف معهم وتحويل (الاختلاف) نفسه إلى (خلافٍ) لا يخدم سوى أغراض شخصية لا علاقة لهم به..)
وبعد..،
فشكراً من الأعماق لصاحب هذه المبادرة وباعثها روحاً وعطاءً مبدعاً الأديب المبدع خالد الفيصل، فقد جاءت لتجسد الحلم بإعادة تأسيس الاعتبار للثقافة العربية أخلاقياً ومهنياً على أيدي صانعيها، إيماناً وجهداً وإنتاجاً.