أعلم جيداً أن لكل إنسان حق في الطريقة التي يعيشها طالما أنها لا تسبب أو تحدث أذى للآخرين حتى لو كان بمنزله أو بالمكان الذي يقطنه فله حقه الذي كفله له النظام والمنطق في طريقة لباسه وأكله ونومه
ومختلف مناحي حياته ولا يملك أحداً الاعتراض على ذلك. لكن هناك من يستخدم ذلك الحق بشكل تعسفي يحدث من خلاله إيذاءً واضحاً للغير كمن يرفع صوت المذياع من منزله فيزعج جيرانه به أو كمن يصرخ بأبنائه أو زوجته، فضلاً عن اختلاف أوقات راحة الناس باختلاف أوقات أعمالهم.
هناك من يتصرف في المساحة الشخصية التي منحها إياه المنطق وكفلها له النظام بأسلوب أهوج لا تهذيب فيه ولا مراعاة لمشاعر الآخرين إطلاقاً. فتجد أحدهم وقد أوقف سيارته بطريقة عشوائية أمام منزله والآخر ممن وضع بعض الحاجيات الخاصة به والتي عفا عليها الزمن وأصبحت عالة لديه يضعها أمام منزله لعدم وجود مكان مخصص لها داخله، وهناك من يبني جزءاً من غرفة على سور منزله أو يضع الجزء الأكبر من مدفأة الحطب على السور من الخارج، والأدهى والأمر من يقوم بصبغ منزله من الخارج بألوان تثير الاشمئزاز ولا تسر ناظرها.
حدثني أحدهم ذات يوم أن في إحدى مدن سويسرا وتحديداً في لوزان رغب قريب مقيم له هناك بعد أن قام بشراء أرض - ولوزان لمن لا يعرفها، مدينة جبلية متدرجة - أقول بعد أن قام بشراء الأرض وعمل التصاميم الخاصة لبناء فيلا سكنية له في أغلى أحياء تلك المدينة، لم تصرح له بلدية الحي حتى يحصل على موافقة جميع من يسكنون بجواره ممن تطل مساكنهم على بيته المستقبلي. اشترطت البلدية لمنحه الترخيص (الفسح) أن يحصل على موافقة جيرانه بحجة أنهم هم من سينظرون لمنزله باستمرار وليس من بداخله، وفعلاً قام بزيارة جيرانه ولم يعترض عليه إلا واحد منهم والذي لم يعجبه التصميم وبرغم من محاولات قريب صديقنا إلا أن الرجل استمر في رفضه وقضت له محكمة محلية بعدم تمكين صديقنا من بناء مسكنه ما لم يقم بتغيير الشكل الخارجي له مع الألوان التي كان ينوي صبغها.
أنا لا أقول بضرورة القيام بذلك - وإن كنت أتمنى - حتى لا نشيع في بادئ الأمر نوعاً من الفوضى ونزيد الأمور سوءاً لكنني أطالب على أقل تقدير أن تضطلع البلديات بدورها فيما يخص ألوان المنازل وأشكالها وتنظيم حتى اللوحات الخاصة بالمحال التجارية بدلاً عن المنظر غير السار لمعظم شوارع مدننا.
أطالب المواطن الكريم أن لا يتعسف باستخدام حقه الخاص محدثاً ضرراً لجيرانه، وأؤكد في ذات الوقت أن ثمة أمر يغفل عنه الجميع وهو استحقاق المتضرر في رفع قضية على من يتعسف باستخدام الحق الخاص حتى وإن كان في داخل حرمة منزله، ويمكن لإخواننا ممن يعملون في القانون إفادتنا عن ذلك وتنوير الجميع ممن تأذوا ولا يزالون كذلك من بعض من لا يقيم وزناً لجاره وأهل جاره وما قد يكون من بينهم من مريض أو كبير أو رضيع.
والله من وراء القصد.
dr.aobaid@gmail.com