(كلنا نعلم أن الدولة تنفق البلايين لبناء وإنشاء الطرق السريعة الحديثة، ومع ذلك فإننا نرى أن وزارة النقل أو البلديات تضن بصرف مئات الملايين من الريالات لجعل هذه الطرق آمنة لمستخدميها، أوضح أكثر: لون الرصيف بجوار الطريق أسود وكذلك لون الطريق ذاته أسود ومثله المخرج، وليس هناك من شريط فوسفوري يميز الاثنين!، وهذا أدى ويؤدي إلى حوادث مريعة، ولو أن هذا حدث في دولة أخرى لرفعت آلاف القضايا من المتضررين على الجهة المسؤولة ولكسبوها جميعاً ولعوضوا عن ذلك بآلاف الملايين).
***
هذه رسالة وصلتني من وجه اجتماعي بارز، أنشرها كما وصلتني ودون تدخل مني في صياغتها أو مضمونها، ولا أعتقد أن مرسلها - وهو محب لوطنه وحريص على سلامة المواطنين والمقيمين - قصد من إرسالها إليّ أن يضعني وحدي على مسافة قريبة من المشكلة دون إشراك من أشار إليهم في رسالته - وزارة النقل والبلديات - بوصفهم على مسافة أقرب مني إليها، بأمل أن يبادروا بمعالجة هذا النقص في مواصفات الطرق السريعة سواء داخل المدن أو بين بعضها بعضاً، ولهذا - ومن باب التذكير ليس إلاّ - تعمدت أن أنشر الرسالة وأن أعلّق عليها حاثاً مَنْ يعنيه أمرها أو من يدخل مضمونها ضمن اختصاصه من الجهات الحكومية بسرعة المبادرة في معالجة هذه المشكلة بتوفير المزيد من متطلبات السلامة في شبكة الطرق على امتداد الوطن.
***
لا أحد ينكر الجهود الكبيرة التي بذلت في تصميم الطرق، والبلايين الكثيرة التي أنفقت على إنشائها، وما ترتب على ذلك من تقريب للمسافات والأزمنة بين مناطق المملكة ومدنها، وتوفير الراحة ومتعة السير في هذه الطرق، بعد أن كانت الصحاري والفيافي موحشة من الحركة ومقومات الحياة، فضلا عن افتقارها قبل إنشاء هذه الطرق إلى الأمن والقدرة في كثير من الأحيان على الاستدلال ومعرفة الاتجاه الصحيح لمقصد أي منا ووجهته السليمة في ظل ظروف كان يكتنفها الخوف وأحياناً اليأس من أن يصل كل منا إلى ما يريد وحيثما كان مبتغاه.
***
غير أن الطرق وهي تحتاج دائماً إلى صيانات دورية، وبرامج تأهيل وتحسين من حين لآخر لكل تشوهاتها، ومراجعة دائمة لسعتها واتجاهاتها وميادينها ومخارجها، وهو ما تقوم به وزارة النقل وأمانات المدن وبلدياتها بشكل لا يمكن تجاهله، هي أيضاً تحتاج ضمن متطلبات كثيرة إلى عناصر مكملة للحد من فواجع الطرق التي تشير إحصائيات إدارات المرور إلى تزايدها، ما يعني أن مخالفة قائد المركبة لأنظمة المرور - وبينها السرعة الجنونية - وإن كانت سببا رئيسا في الحوادث، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يصرفنا عن ملاحظات أشارت إليها الرسالة من أن بعض طرقنا تنقصها بعض متطلبات السلامة، وبالتالي فعلى الجهات المختصة المبادرة بسرعة إدراجها ضمن اهتماماتها بل ضمن أولوياتها.
***
اللافت للنظر أن استخدام الألوان - اللون الفوسفوري تحديدا - في الطرق لا يكلّف شيئا كثيرا من المال مقارنة بما صرف على إنشاء هذه الطرق وما يصرف على صيانتها بعد إنشائها، بينما يوفر تأمينها عنصرا إيجابيا في سلامة مستخدمي هذه الطرق من أي مفاجآت لم تكن في حسبانهم وقد تعرض حياتهم للموت أو الإعاقة الدائمة، وبخاصة حين يكون استخدامها ليلا، بما لا مبرر بأن يقتصر أو يكتفى باستخدام اللون الفوسفوري في طرق محدودة، أو اعتباره شكليا وذا قيمة محدودة في الحد من حوادث الطرق بحجة أن سائقي السيارات لا يلتزمون بأنظمة المرور التي تضمن لهم السلامة فيما لو أنهم لم يخالفوها.
***
هذه ملاحظة صغيرة من حيث الشكل، لكنها كبيرة ومهمة من حيث المضمون والقيمة البشرية، ملاحظة لا تكلف كثيرا من المال، ولكن إغفالها يكلف كثيرا من حياة الناس، ملاحظة تبدو الطرق بدونها وكأنها تصرخ قائلة بأنها لا تضمن سلامتنا رغم جمالها وسعتها وجودة تنفيذها وتصميمها، وهي أخيراً ملاحظة أثق تماما بأن معالي وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري ووكيل الوزارة سعادة المهندس عبد الله المقبل سيوليانها من العناية والاهتمام ما هو معروف عنهما من متابعة وحرص ورغبة بأن تكون الطرق في المملكة من حيث الجودة وتوافر شروط السلامة آمنة وفي أفضل مستوى.