«الجزيرة» - عوض القحطاني
وجه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء كلمة توجيهية تعليقاً على ما توصلت إليه شرطة منطقة الرياض من نتائج في القبض على عصابة السلب والسرقة وحيازة المخدرات وجاء فيها..
نقرأ في صحفنا المحلية ما بين الفينة والأخرى عن نشاط لشرطة منطقة الرياض وما تقوم به من مداهمات وسبق لهؤلاء المجرمين الآثمين الذين خدعوا وانخدعوا، خدعهم جلساء السوء وانخدعوا بهم وغرروا بهم والذين - والعياذ بالله - تنكروا لدينهم وأخلاقهم وقيمهم واعتنقوا هذا الطريق السيء.. طريق السرقة.. هذا الطريق السيء الذي لا يقدم عليه من بقلبه إيمان.. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده.. السرقة جريمة نكراء تدل على نذالة ذلك الإنسان وهبوط قيمته وسقوط كرامته ولو قدم المثل العليا بنفس طيبة سامية الأخلاق لرأى مكاسب الخير متعددة وضرب كل ميدان من ميادين الحياة يبيع ويشتري ويعمل ويتعاطى طرق الخير.. أما هذه السرقة فهي طريق ملتو يعرضه للأخطار.. وربما سرقة يسيرة تؤدي بحياته وتجعل في قلبه مرض عدم القناعة وعدم الرضى بما قسم الله له.. وأن يلهث وراء هذه المادة بهذه الطريقة السيئة..
وشرطة الرياض حقيقة سجلت أروع مثل في الجد والنشاط على حسب ما نقرأ في الصحف.. من مباغتة لهؤلاء المجرمين ومتابعتهم وتقصي أمرهم ودهم أوكارهم.. فنرجو من الله لهم التوفيق والسداد.. ونبشرهم بأنهم على خير وعلى ثغر من ثغور الإسلام وأنهم في جهاد في سبيل الله بتتبع هؤلاء المجرمين والبحث عنهم ومحاولة القضاء على شرهم خلق كريم وخلق فاضل نرجو إن شاء الله أن يوفقوا للخير ونحن نشجعهم على فعلهم ونشكر مدير شرطة الرياض اللواء عبدالله الشهراني وجنوده المخلصين على هذه الجهود الجبارة وعلى هذه المثابرة نشكر لهم كل جهودهم ونسأل الله لهم بالتوفيق والسداد والعون على كل خير..
كما أدلى معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بكلمة تعليقاً على هذه الأحداث قال فيها:
فإن استتباب الأمن من أعظم مقاصد الشريعة، ومن أعظم ما تستقيم به الحياة، ويطيب به العيش، وتنمو في ظله الحضارات، وهو من أجل النعم وأظهرها، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}
ومن أعظم ألوان الإفساد في الأرض الاعتداء على الناس في أبدانهم، أو أموالهم، أو أعراضهم، أو قطع الطريق عليهم، بقصد سلب الأموال، أو انتهاك الأعراض، أو إخافة السبيل أو إزهاق الأنفس، أو خطف الضحايا، أو انتهاك حرمة البيوت، بقصد السرقة، أو الاغتصاب، ونحوها من الأعمال المشينة التي تثير فزع الناس، وتقض مضاجعهم، وتعرض مصالحهم للخطر.
ولقد أثلج صدورنا تمكن شرطة منطقة الرياض من القبض على مجموعة من المجرمين المفسدين في الأرض الذين مارسوا أبشع أنواع الجرائم، في حق دينهم، وولاة أمرهم، ووطنهم، ومجتمعهم.
الجدير بالذكر أن شرطة منطقة الرياض واصلت جهودها التي أسفرت عن القبض على عصابة متمرسة في الإجرام والسلوك المنحرف في وقت سابق والمتورطة في العديد من جرائم قطع الطريق وسلب الحجاج والمعتمرين وإطلاق النار والتورط في قضايا حيازة واستخدام المخدرات والمسكرات وسرقة الشاحنات والسيارات الصغيرة.. على امتداد عدد من المناطق والمحافظات (الرياض - القصيم - حلبان - طحي - القويعية - الجله - مرات - المزاحمية - قصور المقبل - ثادق - حوطة سدير - المجمعة - شقراء - الثمامة - ملهم - حريملاء - القصب...).. ومن ذلك ما قاموا به من الاعتداء على وافد من الجنسية الآسيوية.. حيث أحاطوا به بكل وحشية وإجرام لسلب المبالغ المالية التي بحوزته وعندما حاول التخلص منهم انهالوا عليه بطعنات عديدة كادت تودي بحياته لولا لطف الله تعالى وقد نقل على إثرها إلى المستشفى..
كما توصلت نتائج التحقيق التي قام بها مركز شرطة محافظة شقراء من اكتشاف العديد من جرائم السطو والسلب تحت تهديد السلاح وسرقة الشاحنات والسرقة منها وسرقة السيارات الصغيرة وتكسيرها واستخدامها في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية الأخرى.. ولم تردعهم حرمة بيوت الله التي قال الله فيها: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} بل جعلوا منها وسيلة سهلة للسطو على أموال المسلمين.. حيث دخلوا أحد المساجد التي كان يرتاح بها أحد الوافدين العرب من عناء السفر حين توسد حقيبته وبها كده وشقا عمره ليعف بها من يعول.. فلم يسلم من شرهم حيث هجموا عليه في وقت نومه وانتزعوا منه الحقيبة وبها مبلغ (700 ريال سعودي) و (1700 دولار أمريكي) و (500 جنيه مصري) ومنعه من مقاومتهم الخوف من سطوتهم وحملهم للسلاح ووضعوا السكين على رقبته.. وعند محاولته الفرار قاموا بإطلاق النار بالقرب من رأسه وهو يسمع أحدهم يقول: اكسر قدمه بطلقة!!.. فما كان منه إلا أن أظهر الاستكانة لهم وقاموا بشده من لحيته وانتزعوا من جيبه مبلغ (2700 ريال) وهاتفين محمولة.
ولم يقف إجرامهم عند هذا الحد.. بل اقتحموا إحدى التموينات الملحقة بمحطة وقود على أحد الطرق السريعة.. وجمعوا كل العاملين وهددوهم ثم قام أحدهم بفتح درج المحل وسرقة كل ما وجد فيه من نقود..
وبفضل من الله تعالى أحكمت شرطة منطقة الرياض قبضتها على كامل أفراد العصابة المتورطين في القضايا المشار إليها بعد ملاحقتهم وتتبعهم ومقاومتهم لرجال الأمن.. حيث بلغ عددهم ثلاثة عشر مجرماً.. وتابعت تحقيقاتها الموسعة معهم واعترفوا بارتكاب العديد من الجرائم الجديدة في شتى أنواع الإجرام.
كما كشفت التحقيقات وجود أحد المشاركين الرئيسين لهم موقوفاً في السجن العام على ذمة قضية هامة وهي اختطاف مواطن بغرض الحصول على فدية مقابل إخلاء سبيله.. وهذا يبين مدى خطورة هذه العصابة وتأصل الإجرام في نفوسهم واستهانتهم بحرمة النفس والمال التي صانتها الشريعة وكفلتها للناس.. ومرد هذا إلى غياب الدين الذي يردعهم ويمنعهم من ارتكاب ألوان الفساد في الأرض والاعتداء على الناس في أبدانهم وأموالهم وقطع الطريق.. وغياب العقل الذي يدرك به الإنسان عواقب أي فعل قد يرتكبه ويذكره بأن هناك عقاب في الدنيا والآخرة..
هذا وقد صدقت اعترافاتهم بذلك شرعاً. وبذلك تكتمل خيوط هذه القضية التي ستحال إلى القضاء بعد انتهاء بعض الإجراءات النظامية لينالوا ما يستحقونه من عقوبة جراء إفسادهم في الأرض وقطعهم السبيل.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الإنجاز يضاف إلى جملة من الإنجازات التي حققتها شرطة منطقة الرياض بأجهزتها وإداراتها المختلفة وتضافر جهودها في مكافحة الجريمة والقضاء عليها والتصدي لها قبل وقوعها والقبض على الجناة وإحالتهم إلى القضاء لتطبيق حكم الشرع فيهم مما يسهم في استتباب الأمن وحفظ مصالح الناس وحفظ المجتمع من الإفساد في الأرض.
ومن هذه الجهود ما تحقق خلال العام الماضي على يد شرطة منطقة الرياض بأجهزتها المختلفة من القبض على ما يزيد على 2600 شخصاً بقضايا قتل وسلب وسرقة وإطلاق نار وتصنيع وترويج الخمور.. هذا بخلاف القضايا الأخرى المتنوعة.
أحد المجني عليهم المواطن البحريني عبدالمحسن محمد إسماعيل يقول: خرجت من دولة البحرين وبرفقتي زوجتي وأبنائي الصغار متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية وبالتحديد المدنية المنورة وأثناء الطريق توقفت في استراحة (ساسكو) التي تبعد حوالي 150 كلم عن مدينة الرياض لأخذ قسط من الراحة وذلك في تمام الواحدة ليلاً وعند الساعة الثانية والنصف ليلاً استيقظت استعدادا لاستكمال مشوار الرحلة وعند خروجي من غرفة الاستراحة وجدت سيارتي (فان أمريكي الصنع) وجدته مكسور الزجاج وقد سرق ما بداخله، وقمت بإبلاغ الجهات المسؤولة في تلك المنطقة وقاموا باتخاذ ما يلزم لذلك، كما أفدت المسؤولين هناك بأنني لم أشاهد الجناة ولا أعلم من هم... وبعد هذه الحادثة بوقت يسير وردني اتصال من أحد رجال الأمن في مدينة الرياض يفيدني بأنهم تمكنوا من القبض على الجناة وأن التحقيقات لاتزال جارية معهم.. ومن هذا المنبر أوجه شكري للحكومة السعودية ولرجال الأمن في مدينة الرياض وفقهم الله على مابذلوه من جهد عظيم في القبض على الجناة في وقت وجيز وهذا من دواعي سرورنا أن تكون دولنا دول الخليج العربي بهذه الدقة والإٌتقان في التعامل مع القضايا الأمنية بما يكفل أمن المواطن والمقيم.
والمواطن القطري موسى عناد الشهري عن الحادثة يقول: خرجت من دولة البحرين ومعي أبنائي متوجهاً لمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعند توقفي في إحدى الاستراحات على الطريق في المملكة العربية السعودية لأخذ قسط من الراحة في وقت متأخر من الليل وبعد خروجي من الاستراحة التي قمت باستاجارها وجدت سيارتي «لاندكروزر» قد تعرض للتكسير وسرقت محتوياتي، وفي حينها لا أعلم من هو الفاعل لكنني استعنت بالله ثم بالسلطات الأمنية في السعودية وأبلغتهم بما حدث لي ومن ثم تابعت سيري نحو المدينة المنورة وفي أيام قليلة أخبرت بأنه تم القبض على الجناة في تلك الحادثة، ولا يسعني في هذه اللحظة إلا أن أشكر الله تعالى أن يسّر لك ثم أشكر الحكومة السعودية على ما توليه من اهتمام ملموس وغير مسبوق في كل ما يمس الجانب الأمني أو يضر به.
المجني عليه الوافد الأردني عامر فوزي سالم: بينما كنت نائماً في استراحة فيحاء العتش على طريق الرياض القصيم حيث إنني أعمل سائق نقل ومعي سيارة نوع (دينّا) وكان بحوزتي مبلغ وقدره 37800 ريال وجوالان وكنت قد وضعتها داخل السيارة، وفي الصباح الباكر حضر عندي خمسة أشخاص في سيارة مرسيدس لونها داكن، ومن ثم ترجل من السيارة ثلاثة منهم واتجهوا نحوي واثنان بقوا في السيارة وعند وصولهم ذكروا بأنهم رجال مباحث وأنني أقوم ببعض التهريبات الممنوعة وأنهم يريدون تفتيش السيارة للتأكد وأبلغتهم بأنني متوجه لدولة (الأردن) ومعي بضاعة غير ممنوعة إلا أنهم أصروا على تفتيش السيارة للتأكد، ولم أكن أعلم بنيتهم السيئة وأنهم ليسوا رجال أمن ومما جعلني أصدق دعواهم بأنهم رجال أمن هو أنني رأيت بحوزتهم سلاح من نوع (مسدس) وبعد تفتيشهم لسيارتي قاموا بأخذ المبلغ المالي وقدرة 37800 ريال وأخذ الجوالين اللذان كانا معي ثم هربوا.. وقمت بعدها بإبلاغ الشرطة بذلك وذكروا بأنهم سيقفون لهم بالمرصاد وسيأخذون الحق منهم.. ومما سرني وبعث اللفرحة في نفسي والاطمئنان هو ما أخُبرت به من أن رجال الشرطة وفقهم الله قد تمكنوا من القبض عليهم وأسأل الله أن يعينهم في استرجاع حقي حيث إن المال الذي سلبوه منّي هو مالي الخاص الذي جمعته على مدار الأعوام الماضية، وأسأل الله أن يوفق حكومة خادم الحرمين الشريفين وأن يعين رجال الأمن على القبض على كل مجرم.