Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/02/2009 G Issue 13288
السبت 19 صفر 1430   العدد  13288
3% من سكان الأرض يسببون الكوارث المالية والبيئية
نمو الاقتصاد العالمي الأسوأ منذ نصف قرن .. (دافوس) بلا نتائج و50 مليون عاطل!!

 

الرياض - «الجزيرة»

يصنعها الكبار ويدفع ثمنها الصغار، هذه العبارة تترجمها أوضاع ملايين العمال مع الأزمة المالية الدولية حيث وجدوا أنفسهم في العراء، لا يقيهم زمهرير الأزمة ولا نارها الحارقة، فقد حذَّر صندوق النقد الدولي من أن العالم يواجه أسوأ وضع اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية.. وقال صندوق النقد إنه يتوقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 0.5 بالمئة، ومع تزايد عدد السكان، فإن ذلك يعني انخفاضاً في معدل الدخل الفردي.. ويتوقع صندوق النقد أن تنكمش الاقتصادات النامية بينما تتباطأ معدلات النمو بشدة في الاقتصادات الأخرى.. كما افاد الصندوق بأن ينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 2.8 بالمئة في العام المقبل، وهو التوقع الأسوأ الذي يصدر عن المؤسسة حيال أحد البلدان المتقدمة.. ويقول الصندوق إن التحسن في وضع الاقتصاد العالمي قد يبدأ في 2010 بشكل مرحلي، لكن مراسل بي بي سي للشؤون الاقتصادية يؤكد على أن هذا يعتمد بشكل أساسي على التحرك بقوة في مجال وضع السياسات الاقتصادية، خصوصاً تلك المتعلقة بإعادة الاستقرار المالي.. وتأتي هذه التوقعات في الوقت الذي قالت فيه منظمة العمل الدولية إن ما يصل إلى 51 مليون وظيفة ستفقد هذا العام بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.

60 مليار دولار مساعدات أوروبا للدول النامية

وفي مؤتمر دافوس الذي اختتم أعماله مؤخراً، قال الرئيس الفرنسي الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد يقدم سنوياً أكثر من 60 مليار دولار من المساعدات للدول الفقيرة، وتعهد بأن تزداد هذه المساعدات رغم الأزمة المالية، لكنه طالب حكومات الدول الفقيرة بالتحرك لتنمية بلادها ومواجهة الفساد السياسي والاقتصادي لديها.. وقال ساركوزي: (سنفي بوعودنا، لكن يا أصدقاءنا في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، تحركوا من أجل الإصلاح، تحركوا من أجل التغيير، تحركوا ضد الجمود).. وعبَّر قادة عرب، عن ضيق الدول المنتجة للنفط من تحميل البعض لها أوزار الأزمة ومسؤولية تعويض خسائرها (فإن هذا مجاف للحقيقة، وفوق طاقة الدول المصدرة للنفط).. من جهته نبه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مخاطر تحول الأزمة من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية، ما يعني تحول عشرات ملايين الأفراد إلى عاطلين عن العمل، بما يحمله ذلك من مخاطر جمة على مشاريع التنمية والسلام الاجتماعي في الدول النامية.. وكان الموضوع الرئيس للمؤتمر هو متابعة تنفيذ ما اتفق عليه في مونتيري المكسيكية عام 2002 من إجراءات عالمية لدعم التنمية في الدول الفقيرة، حصرت في 6 نقاط.

البنية الدولية للتكامل الاقتصادي

خفضت الكثير من الدول النامية من قيودها على المستوردات، وخفضت الرسوم الجمركية تخفيضاً كبيراً، وقد ارتفعت الصادرات من المنتجات الصناعية للدول النامية من 25% عام 1980 إلى 80% عام 1998.. وما زالت الدول الغنية تفرض سياسات حمائية برغم انخفاض التعرفة الجمركية فيها، وهذه السياسات الحمائية مفروضة على سلع ومنتجات تتمتع الدول النامية بميزة نسبية بها، وتؤدي هذه السياسات إلى تكلفة على الدول النامية تقدر بمائة مليار دولار، وهو ضعف مجموع المساعدات التي تقدمها دول الشمال إلى دول الجنوب.

وخفضت الدول النامية القيود على الاستثمارات الأجنبية، وبرغم الفوائد الظاهرة للانفتاح الاقتصادي فإنه يؤدي إلى أضرار كبيرة، فقد حدثت كوارث اقتصادية في إندونيسيا وتايلند وكوريا والأرجنتين.

ورافق العولمة الاقتصادية موجات هجرة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، ومن الأرياف إلى المدن في داخل الدول، ولكن نسبة تدفق الأيدي العاملة المهاجرة هي أقل بكثير من الموجة الأولى للعولمة، ولا يزيد العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يعيشون في دول ليسوا مواطنين فيها عن 2% من مجموع سكان العالم، كما أن الزيادة السكانية في الدول النامية هي أكبر بكثير منها في الدول الغنية.

وتفرض الدول الغنية إجراءات مشددة على الهجرة، وهي تميل إلى تفضيل العمال المتعلمين، مما يؤدي إلى استنزاف العقول من الدول النامية، وقد يساهم تدفق الأيدي العاملة بقدر أكبر في خفض الفقر لو كانت سياسات الهجرة أكثر حيادية، وتسمح للعمال غير المهرة بالهجرة.

معاناة الدول النامية

قبل الأزمة المالية الحالية، شهد احتياطي النقد الأجنبي في الدول النامية وبخاصة في الكيانات الاقتصادية الناشئة نمواً سريعاً، يمثل ثلاثة أرباع إجمالي النقد الأجنبي العالمي.. وارتفعت نسبة اقتصاد الدولة الناشئة إلى اقتصاد العالم من 39.7 بالمائة في عام 1990 إلى 48 بالمائة عام 2006. وفقاً لحساب أسعار قوة الشراء، وصلت نسبة مساهمة بعضها في نمو اقتصاد العالم إلى 50 بالمائة.

وبشكل عام، فإن توجه الدول النامية نحو نهضتها الوطنية بسرعة أصبح تياراً لا يقاوم رغم مواجهة العقبات العديدة في طريق تطورها، فمن حيث سرعة التنمية.. أوضح تقرير صادر من صندوق النقد الدولي أن سرعة نمو اقتصاد الدول المتطورة كانت أدنى من معدل سرعة نمو اقتصاد العالم في عام 2007 إلى حد كبير، بينما كانت سرعة نمو اقتصاد الدول النامية أعلى من ذلك إلى حد كبير.

كما يتسم نمو اقتصاد الدول النامية بالتنمية المستدامة الواضحة.. وقد بدأت نهضة الدول النامية فعلاً بعد انتهاء الحرب الباردة، وشهدت وضوحاً أكثر في السنوات الماضية.

وخلال السنوات الأخيرة، أجرت مجموعة الثماني الحوار مع 5 دول نامية - البرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا والهند والصين، وقد أعربت الدول النامية الخمس عن استيائها من المواضيع التي حددتها مجموعة الثماني بوضوح، لأن مواضيع الحوار يجب أن يتم تحديدها من قبل الطرفين.. وبعد ذلك، شكّلت الدول الخمس آلية تنسيق متعددة الطبقات بينها، ثمّ شكل منتدى الحوار بين الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا آلية جديدة لقمة سنوية، ولقاءات دورية على مستوى وزراء المالية، كما يناقش بريكس - 4 إقامة نوع من آليات لقاء أيضاً.. إن هذه التعاونات أغنت إلى حد كبير مفهوم التعاون بين الجنوب والحنوب، مما يشكل نوعاً من الوضع المتوازن مع الدول المتطورة فعلاً.. وهذه المسألة مسألة كبيرة تضطر الدول المتطورة وبخاصة الولايات المتحدة إلى معاملتها بجدية.

أمريكا وبريطانيا تستنجدان رسمياً بالصين

في الأسبوع الماضي، وفي إطار معالجة الأزمة المالية الراهنة، أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما مكالمة هاتفية مع نظيره الصيني.. وقالت وكالة شينخوا الصينية الرسمية للأنباء إن الرئيس هوجنتاو أخبر الرئيس الأمريكي برغبة الصين في تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة من أجل مواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي.. كما دعا رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون الرئيس الصيني إلى مزيد من التعاون في إطار حلول للأزمة.. وقال براون عقب محادثات مع نظيره الصيني في لندن مؤخراً هناك فرص متاحة لتحسين الوضع الاقتصادي.. وقد لقي جياباو ترحيباً من الجماهير خلال جولته في (تشاينا تاون)، وأثناء تناوله العشاء في متحف التاريخ الطبيعي.

اقتصادات الأزمة تفاقم البطالة

الأزمة المالية العالمية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية أصابت الاقتصاد الروسي بقوة على خلفية انخفاض أسعار النفط وتراجع سعر العملة الروسية (الروبل) أمام العملات الأجنبية، وصرخات الكثير من الشركات الروسية المطالبة بدعم الحكومة.. وكانت الحكومة الروسية أعلنت بداية هذا العام أن الاقتصاد الروسي دخل مرحلة الركود، وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي، وأعلن عن خمسة ملايين عاطل، وعجز في الموازنة وبالرغم من أن الحكومة الروسية شرعت في ضخ ملايين الدولارات في القطاع المصرفي وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى، إلا أن التشاؤم هو سيد الموقف بسب موجة الغلاء الشديدة المصاحبة للأزمة في روسيا.. وقد أنفق البنك المركزي الروسي حوالي 160 مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية على دعم الروبل خلال الفترة الأخيرة دون جدوى.

وفي اليابان وصف وزير الاقتصاد الياباني كاورو يوسانو انخفاض مستوى الإنتاج الصناعي في البلاد بأنه خطير جداً.. فقد انخفض بمعدل 10 في المئة.. وقد ارتفع معدل البطالة في اليابان إلى 4.4 في المئة، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 2.7 مليون ياباني عاطلون عن العمل.. وقد دخل الاقتصاد الياباني في مرحلة ركود كبير.. ومع انهيار في سوق الصناعات الألمانية، اتجهت الحكومة الألمانية لتنشيط الاقتصاد بخطط تبلغ قيمتها نحو 67 مليار دولار.. وفي بريطانيا أعلنت تقارير رسمية بريطانية أن البلاد دخلت رسمياً في حالة ركود اقتصادي للمرة الأولى منذ عام 1991.

وقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا بنسبة 1.5 بالمئة، كما أنها المرة الأولى في 24 عاماً ينخفض فيها الجنية الإسترليني مقابل الدولار إلى هذا الحد الذي وصل إليه الآن.

انتهاء مؤتمر دافوس بلا نتائج

وقد انتهت أعمال مؤتمر منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا بالدعوة إلى إعادة بناء النظام الاقتصادي العالمي.. دون أن توضع أي أسس، وانتهى المؤتمر دون أن يقدم أي نتائج أو حلول، وقد أعلن مؤسس المنتدى كلاوس شواب عن تأسيس (مبادرة إعادة الهيكلة العالمية) الهادفة إلى إصلاح النظام المصرفي العالمي، وترشيد نشاطات قطاع الأعمال والتجارة عموماً.. وقد استمر مؤتمر منتدى دافوس خمسة أيام، وحضره نحو ألفي شخصية من السياسيين ورجال الأعمال.. كل ذلك دون جدوى بمنطق الأزمة الراهنة.

هل تنقذ الصين الاقتصاد العالمي من أزمته؟

يقول بعض المراقبين إن مفتاح حل الأزمة المالية التي يمر بها النظام المصرفي في الدول الغربية قد يكون بيد الصين التي تمتلك احتياطيات من العملة الصعبة تتجاوز تريليوني دولار.. لأن الدول الغربية بحاجة إلى المال لإنقاذ نظامها المصرفي والصين تملك المال المطلوب وبالتالي قد تكون المصدر المناسب لهذا المال.. ورغم أن الاقتصاديين الصينيين يعلنون أن الصين على استعداد للقيام بواجبها في حل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، لكن إذا قبلت الصين بحل هذه الأزمة فإنه يرجح أن يكون ذلك مترافقاً بسلسلة طويلة من الشروط.. وكانت الصين قد تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من مراكمة احتياطيات هائلة من العملة الصعبة مستفيدة من نمو صادراتها بمعدلات كبيرة.. وقد أشارت آخر الإحصاءات التي نُشرت مؤخراً إلى أن هذه الاحتياطيات تجاوزت 1.9 تريليون دولار (1900 مليار دولار).

وكتب مدير معهد بيترسون للاقتصاد العالمي ومقره الولايات المتحدة في صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية مؤخراً أنه يمكن الولايات المتحدة طلب قرض من الصين وقال (يمكن للصين تقديم قرض بقيمة 500 مليار دولار للحكومة الأمريكية لإنقاذ نظامها المالي).. ويقوم الصينيون عملياً بمساعدة الاقتصاد الأمريكي منذ عدة سنوات عن طريق شراء الديون الحكومية الأمريكية وهو ما ساعد الحكومة الأمريكية على الإنفاق أكثر مما تسمح بها إمكاناتها.. وأضاف أن على الصين أن تلعب دوراً أكبر في توزيع الثروة في الدول النامية.

سوق العمل السعودي بعين خبير في التنافسية

مع أجواء تدشين أعمال ملتقى الشراكة بين القطاعين العام والخاص مؤخراً، نتوقف عند رؤية خبير أمريكي شارك في ملتقى آخر أكثر أهمية، هو ملتقى التنافسية الثالث، فقد قال مايكل بورتر الأستاذ في هارفرد: إن السعودية أقل نسبة من مواطنيها يعملون في الاقتصاد، ويجب زيادة الإنتاجية من أجل تمكين المواطنين من العمل، فيما نسبة البطالة لا تزال مرتفعة لو نظرنا إلى السنوات الماضية، ونحن نعرف أن جيلاً شاباً جديداً ينتظر فرص العمل.

وشدد بورتر المختص في تنافسية الدول والأقاليم في كلمته التي ألقاها أمام حضور منتدى التنافسية الدولي الثالث، على أنه يجب التركيز على السوق المالية وهي تعاني الأزمة، ويجب أيضا حوكمة الشركات، يجب استقطاب الاستثمارات في جميع مناحي الاقتصاد لتحسين الإنتاجية والاقتصاد، السياحة، تقنية المعلومات، وعلى مستوى الوظائف والصادرات.

وشدد على أن الشركات الناشئة هي التي تقود عملية التنافسية أكثر من الشركات الكبرى، وهي توجد معظم الوظائف وتأتي بالمزيد من المنافسة في الحقول الأخرى.. مشيراً إلى أن (روح المبادرة في السعودية ممتازة جداً، والثغرات في السلع والخدمات يجب سدها).

وانتقد بورتر محدودية المعلومات المتوافرة حول الشركات بقوله: (قررنا سوياً إلى جانبي وجانب فريق من أمريكا وأوجدنا فكرة النمو السريع للشركات الخاصة، ونريد أن نعرف 25 شركة سريعة النمو، ولكننا لم نجد أية قاعدة بيانات أو تصنيفات).

وأضاف أن التجربة كانت مثيرة للاهتمام، ولا توجد هيئات تحدد مثل هذه الشركات، حيث إن ما توصلنا إليه التفوق على هذه العقبات، وفي النهاية وجدنا مثل هذه الشركات، والشركات عمرها خمس سنوات وسرعة نموها 40 في المائة، وهي أقل من نمو الشركات العالمية، و25 شركة أوجدت 15 ألف وظيفة، حيث إن من تلك الشركات نسبة جيدة لم يبلغ عمرها خمس سنوات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد