الرياض - د. حسن الشقطي*
أقر الكونجرس الأمريكي خطة الإنقاذ التي تقدم بها الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بقيمة 838 مليار دولار، وقد سعت الإدارة الجديدة للإسراع في إقرار الخطة الجديدة التي تأتي بعد الخطة الأولى للإدارة السابقة التي كانت بقيمة 700 مليار دولار.
وتهدف الخطة الجديدة هذه المرة ليس لمنع حدوث الأزمة كما هدفت الخطة السابقة، ولكنها تتجه لاستعادة الاستقرار للاقتصاد الأمريكي الذي أصبح فعلياً يعاني من حالة اضطراب، أو ربما شلل ركودي في العديد من أجزائه، بل إن الهدف الآن هو منع تحول الأزمة إلى كارثة، كما أشار الرئيس الأمريكي الجديد.
وتشير بعض التقارير إلى أن الإدارة السابقة أنفقت مبالغ وصلت إلى 350 مليار دولار، ولكنها على ما يبدو لم تحقق أي إنجاز حقيقي، بل تفاقم الوضع حتى وصل إلى وجود وضع تقشفي على مستوى غالبية الولايات الأمريكية، بل إن بعضها وصل به الحال إلى صياغة زيادات مبالغ فيها للرفع الضريبي، بشكل أضر بمستوى المخصصات لخدمات المواطنين.
ومن المتوقع أن تتكون خطة الإنقاذ الجديدة من مجموعة من الحزم والسياسات الاقتصادية الجريئة، والتي من أبرزها إقرار تخفيضات ضريبية بنسبة أشار أحد مستشاري البيت الأبيض إلى أنها ستصل إلى 40%، أي تخفيضات بقيمة 335 مليار دولار، وهذه التخفيضات يتوقع أن تحرز صدى إيجابياً لدى الممولين والمستثمرين، بشكل قد يحثهم على دفع حركة النشاط الاقتصادي بشكل متسارع.. كما أن هذا التخفيض تشير التقارير إلى أنه سيطرح للعمال كما سيطرح للشركات.
وهذه إحدى النقاط الإيجابية المتوقع أن تحرز تأثيراً سريعاً في عجلة النشاط الاقتصادي، لأن تخفيض الضرائب على العمال سيتيح قدراً أكبر للإنفاق من الدخل، وبالتالي سيعزز من الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي سيحرك العجلة الإنتاجية في الشركات، التي هي نفسها ستستفيد من الخفض الضريبي في تقليل حجم تكاليفها.
ولنا أن نتذكر أن الإدارة السابقة لم تأخذ بهذا المنهج المرتبط بتوسعة التخفيضات الضريبية، ولكن لماذا؟ إن وراء ذلك، سبباً اقتصادياً سياسياً، أو بالأحرى يرتبط بالتوجهات السياسية، لأن الإدارة السابقة كانت تنتهج نهجاً يقوم على توجيه أكبر إنفاق للإنتاج العسكري، في حين أن الإدارة الجديدة تركز على الإنتاج المدني.
كما أن الإدارة السابقة كانت تركز على الخارج في حل مشاكل الداخل، في حين أن الإدارة الجديدة تشير قراراتها الأولى إلى أنها تسعى لعلاج مشاكل الداخل بسياسات اقتصادية وطنية.
وبجانب محور التخفيضات الضريبية، يوجد هناك عدد من المحاور الأخرى التي أعلنها الرئيس أوباما، والتي أهمها:
أولاً: توسيع إعانات البطالة لتشمل العاملين لبعض الوقت، ودعم الشركات التي عليها توصيل مزايا التأمين الصحي بشكل مؤقت للموظفين الذين تمَّ الاستغناء عنهم والمتقاعدين، والسماح للعاملين الذين فقدوا وظائفهم وغير مشمولين داخل النظام التأميني التقدم بطلبات للحصول على رعاية طبية.
ثانياً: زيادة الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية ومشروعات الأشغال العامة الأخرى بهدف حفز زيادة الوظائف.
ثالثاً: خلق 3 ملايين وظيفة جديدة في سوق العمل، معظمها في القطاع الخاص، وهو رقم يعادل عدد الوظائف التي فُقدت منذ بداية الأزمة.
بوجه عام، فإن نجاح الخطة الجديدة للإنعاش يُعتبر رهناً بسبل تدبير الإيرادات في الميزانية الأمريكية، وأيضاً بكيفية توجيه الإنفاق الحكومي.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com