«الجزيرة»- عبدالله البراك
مشاريع الإنقاذ الحكومية منها المعلن ومنها ما يتم وفق سياسات متحفظة كتلك التي تمت في السعودية عندما أعلنت عدة مرات عن تخفيض سعر الريبو والريبو العكسي، وكذلك تخفيض الاحتياطي النظامي للبنوك، والهدف منها ضخ سيولة إضافية للاقتصاد آخذة بالاعتبار المحافظة على نسبة التضخم والحد من ارتفاعها، كما أن مجلس الشورى السعودي أعلن عن اعتزامه استضافة وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف لمناقشته حول الوضع الاقتصادي لعام 2009م ومدى انعكاس الأزمة العالمية على اقتصاد المملكة والوضع المالي وكيفية تجنب هذه الأزمة قدر الإمكان، كما أن المجلس سيسأل الوزير العساف عن تفعيل دور صندوق التوازن الذي أقر من المجلس حيث إن هذا الصندوق سيكون عامل توازن مهم ويحافظ على استقرار السوق.
وعلى الصعيد الإماراتي هدفت الخطة التي تمت في إمارة أبو ظبي إلى ضخ سيولة للمصارف للمرة الثانية؛ وذلك للحد من أزمة السيولة التي أصابتها من جراء الأزمة العالمية.
كما أن مسقط أطلقت صندوق التوازن الاستثماري خلال الشهر الماضي برأس مال 390 مليون دولار تملك الدولة منها 60% وتقسم النسبة الباقية بين صندوق التقاعد والبنوك وشركات الاستثمار والشركات العاملة في مجال الأوراق المالية. والهدف من إطلاق الصندوق إعادة الثقة والاستقرار إلى السوق العمانية. ويعمل الصندوق عبر الاستثمار في الأوراق المالية المكونة لمؤشر سوق مسقط، مع التركيز على الأوراق المالية التي تمتاز بالسيولة الكبيرة والمؤشرات الإيجابية. كما أنه صنف على أنه كيان استثماري ذو نهاية مفتوحة (غير محددة المدة) يسهم في استعادة الثقة بالمناخ الاستثماري في سوق مسقط للأوراق المالية وبعث التوازن من خلال توفير السيولة الضرورية وتنشيط حركة التداول في الشركات المدرجة على مؤشر السوق المالي العماني تفادياً لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
أما في الكويت فقد أعلن الأسبوع الماضي عن الخطوط العريضة لمشروع إنقاذ كويتي بقيمة خمسة مليارات دولار. جاء ذلك على لسان أحمد باقر وزير التجارة والصناعة الكويتي، موضحاً أن خطة إنقاذ اقتصادي مقترحة وافقت عليها الحكومة الكويتية من المتوقع أن تبلغ قيمتها 1.5 مليار دينار (5.09 مليارات دولار)، وأوضح الوزير أن الخطة تتضمن شراء الهيئة العامة للاستثمار الكويتية حصصاً في شركات وضخ سيولة فيها ولن تغطي سداد ديون عن المواطنين حيث وافق مجلس الوزراء على الخطة التي تهدف إلى تعزيز الثقة بالاقتصاد، وتشمل ضمانات حكومية للبنوك ومعايير وتصنيف أوضاع الشركات وسبل معالجتها.
وتهدف خطة الإنقاذ إلى تعزيز الثقة بالاقتصاد, وتشمل ضمانات حكومية للبنوك ومعايير وتصنيف أوضاع الشركات وسبل معالجتها، وذلك في خضم أزمة ائتمان عالمية. وتزامنت مع هذه السياسة إجراءات عدة للحد من آثار الأزمة العالمية، وكان أحد هذه الإجراءات ضمان القروض بنسبة 50% كما أن الخطة التي عرضت كمشروع قانون من المتوقع أن تعدل من قبل مجموعة المهام الاقتصادية التي يرأسها محافظ البنك المركزي، ثم تحال إلى البرلمان بعد موافقة الحكومة النهائية عليها.
الجدير بالذكر أن الكويت اضطرت في وقت سابق لإنقاذ (بنك الخليج) رابع أكبر بنك في البلاد بعد أن تضرر من خسائر على مشتقات، وأصبحت هيئة الاستثمار الكويتية مساهماً كبيراً فيه، كما أنها ضمنت ودائع البنوك لدعم الثقة، وسمحت لهيئة الاستثمار الكويتية بضخ المزيد من الأموال في البورصة التي انخفضت بنسبة 38 في المئة خلال عام 2008م.
ومن الملاحظ أن الكويت تضررت على عدة مستويات من جراء الأزمة المالية العالمية، وكانت أسواقها المالية أشد المتضررين ونتج عن ذلك تدخل حكومي من خلال صندوق استثماري لدعم الأسهم ومنع هبوطها بعد حكم قضائي أمر بوقف التداولات. والجدير بالذكر أن الكويت ستكون أول دولة عربية تطرح خطة إنقاذ رسمية للتعاطي مع الأزمة الحالية.
ورداً على اتهام أعضاء مجلس الأمة ببطء تحركات الحكومة لمعالجة الأزمة الذي ساهم في تفاقمها قال محافظ بنك الكويت المركزي إن البنك سيقدم إلى الحكومة خطة لزيادة دعم اقتصاد البلد وقطاعه المصرفي، وقال الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح إن الخطة تهدف إلى ضمان حماية المؤسسات المالية، مبدياً في الوقت ذاته ثقته بقوة الاقتصاد.
وكان مسؤولون حكوميون قالوا إن الحكومة تواجه دعوات متزايدة لدعم شركات الاستثمار المتعثرة والتي تشكل أكثر من نصف الشركات المدرجة في الكويت، وذلك بعدما اقترضت بكثافة من البنوك عندما كانت تتوسع بسرعة خلال طفرة أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية.
وكان قد صرح الشيخ سالم لإحدى الوكالات قبل أيام بأن 2009 سيكون عاماً صعباً للاقتصاد الكويتي، مضيفاً أن أزمة الائتمان العالمية ستؤثر في سابع أكبر بلد مصدر للنفط في العالم. وقال في وقت سابق من هذا الشهر إنه يأمل أن تبقي الحكومة حجم الإنفاق مستقراً عند مستوى العام الماضي البالغ 19 مليار دينار من أجل تنشيط الاقتصاد.
وفي نوفمبر قال الشيخ سالم إن الحكومة تعتزم إقامة صندوق لشراء الأصول بسعر مخفض من شركات الاستثمار وإصدار سندات أذنية تسمح لها بالاقتراض من البنوك.
الجدير بالذكر أن أكبر بنوك الاستثمار الكويتية (شركة بيت الاستثمار العالمي - غلوبل) أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر عن تخلفها عن سداد معظم مديونياتها، في حين أن شركة الاستثمار الإسلامي الرئيسية (دار الاستثمار) أعلنت عن حاجتها إلى قروض تصل إلى مليار دولار لإعادة هيكلة ديونها.
وكانت الحكومة الكويتية قد تدخلت العام الماضي لإنقاذ بنك الخليج بعد تكبده خسائر في أوعية مشتقة. وقد أعلنت أيضاً ضمان الودائع المصرفية في محاولة لتعزيز الثقة، وسمحت للهيئة العامة للاستثمار بضخ السيولة في البورصة. كما أنها أطلقت في ديسمبر صندوقاً لتحقيق الاستقرار في ثاني أكبر بورصة عربية، والتي تراجعت 38 في المئة العام الماضي خلال موجة تراجع في أسواق الأسهم بالمنطقة أوقدت شرارتها الأزمة المالية العالمية.
وقد أكد وزير المالية الكويتي أن صندوق الثروة السيادية لا يعتزم الحد من استثماراته الخارجية رغم إطلاقه الصندوق الذي قدرت قيمته ب5.1 مليارات دينار (17.5 مليار دولار) للاستثمار في سوق الأسهم المحلية.
وقال الوزير مصطفى الشمالي على هامش اجتماع القمة الاقتصادية في الكويت: (لن نخفض الاستثمار الأجنبي). وكان يجيب عن سؤال بشأن إذا ما كانت الهيئة العامة للاستثمار ستقلص أنشطتها الخارجية.
وتدير الهيئة العامة للاستثمار الأصول التي تدرها عائدات النفط الكويتية الهائلة ولها استثمارات في أنحاء العالم وقد اشترت العام الماضي في بنوك أمريكية مثل سيتي غروب.
الجدير بالذكر أن لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية تمسكت بموقفها من مشروع الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، القاضي بإعطاء الفرصة كاملة لكل الأطراف المعنية بالمشروع بطرح وجهة نظرها وتضمينها تقرير اللجنة، على أن يدرج تقريرها في جلسة الثالث من شهر مارس المقبل، فيما استمرت مساع لإنجازه في جلسة الثلاثاء بحسب ما رشح عن أجواء مجلس الأمة أمس. هذا وقد تسلم رئيس المجلس جاسم الخرافي مشروع الإنقاذ الاقتصادي وأحاله إلى اللجنة المالية البرلمانية لدراسته وتقديم تقرير مستعجل حوله. ومن جانبه حدد رئيس اللجنة النائب عبدالواحد العوضي يوم الخميس المقبل موعداً لمناقشة المشروع، مستبعداً أن ينظر على هامش جلسة الثلاثاء (لأننا بحاجة إلى الوقت الكافي لتقديم تقرير متكامل حول هذا القانون الذي نرى فيه قانوناً احترازياً يختلف عن مشروع الحكومة حول ضمان الودائع).
وقال مقرر اللجنة النائب أحمد لاري إن هذا القانون بحاجة إلى دمج المقترحات النيابية ومقارنتها، معرباً عن أمله في الانتهاء من هذا التقرير في أقرب فرصة لعرضه في جلسة الثالث من شهر مارس المقبل.
وعلى صعيد متصل قال محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح إن مشروع قانون تعزيز الاستقرار المالي الذي أقره مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة يضمن أقل تكلفة على المال العام ويصونه.
واعتبر المحافظ مواد القانون المطروح مترابطة وأن أي تعديل جذري فيه قد يؤثر فيه فتنتفي حاجته، مؤكداً أن البنوك وشركات الاستثمار المليئة وحدها المستفيدة من هذا القانون.
وأضاف المحافظ أن العقوبات في المشروع تم تغليظها وتشديدها على مَن يحاول التلاعب أو حتى من تلاعب خلال فترة الريبة، كما شجع الدولة على زيادة الإنفاق الرأسمالي لتلافي وقوع الاقتصاد في الركود، مشيراً إلى أن مسألة تأميم البنوك غير واردة كلياً.
وكشف الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح أن الإجراءات القضائية في المشروع مشابهة للفصل الحادي عشر في القانون الأمريكي المتعلق بحماية الشركات من الدائنين، مبرراً الشروط الصعبة التي وضعها على الشركات التي تريد الاستفادة من البرنامج: (من يُرد المعالجة فليتحمل الوجع؛ فنحن لا نستخدم المال العام مجاناً).
من جانب آخر قال المحافظ إن ضمان 50 في المئة من التمويلات الجديدة خلال عامي 2009 و2010 تشمل المؤسسات والأفراد بهدف استخدامها في مشاريع منتجة في الداخل.
وظل نواب المجلس على تباين آرائهم ومواقفهم لمعالجة مديونيات الشركات حيث طالب بعضهم بربطها بإسقاط قروض المواطنين، فيما رفض آخرون ربط الموضوعين لعدم وجود رابط.
وفي اتصال ل(الجزيرة) مع الخبير الاستثماري جابر الهاجري قال: سعدنا كثيراً بسرعة إنجاز قانون تعزيز الاستقرار المالي للكويت في المقابل تباطؤ يصل إلى مرحلة العجز عن صياغة قانون لحوكمة الشركات وقانون هيئة سوق المال. وأضاف الهاجري قائلاً: كان بإمكان الدولة أن تصيغ وتطبق قانون حوكمة الشركات وقانون هيئة سوق المال قبل حدوث هذه الأزمة أو حتى في بداياتها؛ فهذه الخطوة كانت ستغني عن هذه التخبطات في معالجة الأزمة الاقتصادية في البلد. كما طالب الهاجري بوجوب وضع لجنة محايدة أو فريق محايد بعيداً عن رؤساء مجالس إدارات الشركة؛ لكي لا نقول (وكأنك يا بوزيد ما غزيت). وأضاف الهاجري أن المساعدات يجب أن تشمل الشركات خارج البورصة؛ فهناك شركات كانت أفضل بكثير من تلك المدرجة في البورصة؛ فالكل يريد المساعدة، كما أن الخوف من إفلاسات الشركات الهامشية غير مبرر؛ ففي بريطانيا هناك أكثر من 3500 شركة أعلنت إفلاسها، والكويت ليست أفضل من بريطانيا. وطالب الهاجري الجهات المسؤولة بإجبار الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاندماج، ومن ثم المطالبة بالمساعدات المقدمة من قبل الحكومة، كما أن المساعدات يجب أن تقتصر على الشركات ذات المشاريع التشغيلية، ولكن نحن في الكويت لا نزال نراوح بين فلان وعلان ولجان حكومية ومجالس وجلسات تؤجل بينما في الدول الأخرى وضعت وطبقت هذه الخطط. وقال: على الشركات مصارحة ملاكها والمساهمين بها والإفصاح عن كل خفايا الشركة وأن يتذكروا أن هذه الأزمة تمنع وجود الأسرار.