تنظر المجتمعات الرياضية المتقدمة إلى الرواد الأوائل بعين العرفان لكل ما قدموه من مال وجهد لخدمة أوطانهم فتحفظ أسماءهم في الذاكرة أولاً ثم على مواقع جغرافية تتناسب وما قدموه للوطن كي تعرف الأجيال القادمة عطاءهم. والشيخ عبدالرحمن بن سعيد من هؤلاء الرواد، بل هو الاسم العلم في تاريخ الرياضة السعودية الذي خدم بكل إخلاص وتفان وأسهم بدور كبير في دعم وتأسيس الرياضة السعودية عامة والاحترافية خاصة من خلال دوره الريادي كواحد من رواد الحركة التأسيسية للأندية السعودية وذلك من خلال تأسيس ورئاسة ناديي الشباب 1367هـ، ومن ثم الهلال 1377هـ في الرياض. كما أنه أيضاً أسس نادي الاتفاق بجدة، كما ترأس نادي الثغر (الأهلي حالياً) لمدة موسمين على وجه التحديد (78 - 79هـ وحتى بداية عام 1980)، كما شارك في دعم العديد من أندية الوسطى والغربية بجانب تولية مناصب إدارية وإشرافية رياضية رسمية في مختلف مؤسسات الدولة.
وقد أشاد به العديد من الكتاب والنقاد الرياضيين أمثال الدكتور أمين ساعاتي الذي أكد أن عمر الشيخ عبدالرحمن بن سعيد في الساحة الرياضية قد تجاوز الستين عاما منذ عام 1362هـ وحتى تاريخه خلال نادي الهلال.
أما الأستاذ (عبدالله المالكي) فيكشف جانبا اجتماعيا راقيا من حياة (شيخ الرياضيين) حيث يؤكد على الخدمات الجليلة التي تمثلت في دعمه المادي والمعنوي للعديد من الأندية السعودية دون استثناء، كما أنه يصف أبي مساعد بأنه الشخصية الفذة المتواضعة التي تتواصل مع الآخرين وعدم المنة عليهم.
كما أشاد محمد رمضان -رحمه الله- شخصياً بالأعمال والمهام التي قام بها (عبدالرحمن بن سعيد) تمثلت بخدمة (الرياضة السعودية منذ عام 1365هـ، وحتى يومنا هذا. كما أكد أيضاً أن (أبا مساعد) فتح أبواب نادي الهلال أمام الرياضيين من كل المناطق في المملكة دون تفرقة أو تمييز في كل الألعاب وصرف من جيبه الشيء الكثير واستقطب وجوها وشبابا ورياضيين من كل مناطق المملكة. كما أكد أن الشيخ عبدالرحمن بن سعيد كان ينفق من جيبه الخاص ويصرف مرتبات اللاعبين الذين يستقطبهم من خارج المنطقة الوسطى أمثال (كريم المسفر وفرج مبروك) من نادي التضامن بالطائف و(سليمان الكبش) من الوحدة بمكة المكرمة (وزين العابدين عقاب وإبراهيم أبو الخير) من العلمين بمكة المكرمة و(سالم إسماعيل) من الطائف وقبلهم (حامد عباس) من الثغر بجدة و(محمود زرد) من الوطن بمكة المكرمة وجميع هؤلاء اللاعبين كانوا يستلمون رواتب من مال أبي مساعد الخاص.
أما خالد الدوس، ممثل إدارة التوعية والإعلام المبدع دائما في صحيفة الجزيرة بما يقدم من أفكار رياضية، فيؤكد عندما يكتب عن تاريخ الحركة التأسيسية للرياضة بالمنطقة الوسطى.. لابد أن يذكر اسم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد الذي ساهم في غرس بذرة التأسيس الأولى في أرضية البناء والتكوين قبل ستين عاما خلت.. وسقاها بماء الدعم والاهتمام باعتبار ان الرياضة لم تكن مقبولة اجتماعيا عند المجتمع النجدي.. في تلك الأيام الخوالي.. ولكن أبو مساعد وكوكبته المخلصة للوطن والرياضة نجحوا في إقناع المجتمع بجدوى ممارسة الرياضة وأهميتها الصحية والاجتماعية والتنافسية.
وتعقيبا على شخصية أبي مساعد العاشق للرياضة أولاً، ولنادي الهلال من خلال تاريخه الرياضي الذي عايشناه منذ السبعينيات من خلال سعيه الدؤوب لاستقطاب الرياضيين المتميزين القادمين من مختلف مناطق المملكة آنذاك، وكانت المنطقة الشرقية آنذاك تزخر بكوكبة من الرياضيين وبحكم الظروف الدراسية انتقلوا إلى جامعة الملك سعود ومعهد التربية الرياضية وكان أبو مساعد كعادته خبير رياضي، وقد قابلته في عام 1974-75م بهدف استقطابي للعب في فريق اليد الهلالي آنذاك من خلال الأستاذ عبدالرحمن المسعد مدير مكتب رعاية الشباب بالوسطى حاليا، وقد استمر التواصل مع شخصه حتى الساعة، حيث إنه يتمتع بتواضع جم وصدق في التعامل والمعشر فرضت على الجميع محبته والتقرب منه والتواصل معه.
لقد كان شيخ الرياضيين يتواجد في كل المواقع والمؤسسات العلمية آنذاك كجامعة الملك سعود، ومعهد التربية الرياضية، والكلية الأمنية وغيرها يبحث عن الموهوبين الرياضيين لم ينظر إلى كرة القدم على أنها الرياضة الأكثر عشقا له وللناس، ولكنه كان يعشق الرياضة حيث كان يستقطب كل الرياضيين المميزين في كرة اليد، والسلة، والطائرة، وألعاب القوى.. وغيرها، من خلال قدرته ونظرته الثاقبة في الحكم على موهبة اللاعب، وهذه النظرة لا شك جاءت من خلال خبرته الميدانية في اختيار وجلب عدد من اللاعبين الموهوبين الذين قادوا الهلال لتحقيق عدد من الإنجازات الرياضية. وقد استقطب بعض اللاعبين من الشرقية أمثال عبدالرحمن القصاب (شمروخ)- رحمه الله- وأسكنه جنة النعيم حيث كان يتواصل معه ويسأل عنه حتى قبل مماته، وكذلك والدكتور علي أبو صالح، وفيصل عيد وغيرهم.
كما ان هناك بعض الأمور قد لا يعرفها الجميع، وهو ان أبامساعد لم يبخل على الرياضيين جميعا في دعمه ونصحه لهم على مختلف المواقع التعليمية والوظيفية فكان يشجع كل طموح يسعى للتعليم العالي، وكان يسأل عنهم، ويستقبلهم ويطمئن عليهم. كنت أتمنى أن يكتب عن شخصيته من عاش معه خلال تلك الفترة سواء من الكتاب أو النقاد الرياضي، لأن الحديث عن تاريخ أبي مساعد مليء بالدقة ووصفا للتاريخ من خلال كراريسه التي لا تنضب فهو مؤرخ من الدرجة الأولى وموسوعة رياضية واسعة الأفق فهو لم يكتف بتأسيس وإدارة الاندية الرياضية، بل كان يوثق جميع المعلومات المرتبطة بالحركة الرياضية -متعه الله بالصحة والعافية-.
وقد كرم أبو مساعد في حفل تكريمي كبير جدا رسميا مرتين المرة الأولى في عام 1417هـ بدعوة من معالي الأستاذ عبدالوهاب عبدالواسع رئيس مجلس إدارة مؤسسة عكاظ آنذاك، باعتباره من ضمن الرواد الأوائل الذين خدموا الوطن في المجال الرياضي على شرف الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وفي عام 1426هـ كرمه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب بمنحه وسام الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفاء وعرفانا وشكرا لجهوده المباركة في سبيل خدمة شباب الوطن وتطوير الحركة الرياضية بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1365هـ وحتى تاريخه وذلك في حفل تكريم الرواد المؤسسين للحركة الرياضية، بالمملكة العربية السعودية الذي أقيم في جدة.
إن الحديث عن مآثر شيخ الرياضيين (عبدالرحمن بن سعيد) وبصماته التاريخية التي عاشها طوال العقود الستة الماضية في مسيرة الحركة الرياضية السعودية عامة ورياضة الوسطى خاصة كثيرة. كلي أمل أن تتكفل صحيفة الجزيرة أو من عشق تاريخ شيخ الرياضيين بكتابة تاريخه في كتاب عن شخصيته.
كما آمل أن يكرم أبو مساعد من قبل نادي الهلال أولا بتسمية مقر النادي أو ملعب كرة القدم باسمه، أما بالنسبة للجنة الأولمبية السعودية فنأمل أن يضاف اسمه في لائحة المؤسسين للرياضة السعودية، وأن يقدم اسمه للاتحاد الدولي لتكريمه باعتباره من السباقين الذين فكروا بالاحتراف الرياضي.
لاعب الهلال سابقاً وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل