عكست نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الواقع والمناخ السياسي للكيان الإسرائيلي الذي أظهر توجهاً صريحاً نحو اليمين والتطرف، وهذا ما يجب ويفرض على القيادات الفلسطينية والدوائر السياسية العربية مراجعة حساباتها وخياراتها سواء فيما يختص بعلاقاتها ببعضها البعض، أو فيما يختص بالمفاوضات مع إسرائيل.
وكون الانتخابات الإسرائيلية قد عكست الواقع الإسرائيلي المتوافق تماماً مع قناعات مجتمع مبني على اضطهاد الخير وفرض إرادته السياسية من خلال الاحتلال، فقد أوصلت خيارات ناخبيه إلى (الكنيست) أكثر السياسيين تطرفاً وتعنتاً فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، ليس فقط في زيادة مقاعد الأحزاب المتطرفة والدينية والشوفينية المتشددة، بل أيضاً في زيادة قوة ونفوذ القادة السياسيين الأكثر تطرفاً، فبالإضافة إلى المهاجر الروسي ليبرمان الذي يتكئ على 15 مقعداً يمثلون حزب (إسرائيل بيتنا) والذي لا يخفي توجهه، ليس فقط بوقف التفاوض مع الفلسطينيين ومعارضة أي توجه لإقامة دولة فلسطينية، بل بطرد الفلسطينيين الذين تشبثوا بأرضهم منذ نكبة 1948م، وإبادة الفلسطينيين في غزة بإلقاء قنبلة ذرية على القطاع!!.
هذا العنصري الذي يدعم رأس المتشددين والعنصريين بنيامين نتنياهو الذي زادت مقاعد حزبه الليكود إلى 27 مقعداً، تسنده أحزاب الشوفينيين من أحزاب المستوطنين الذين زادت حصتهم إلى 7 مقاعد، و5 مقاعد لقائمة التوراة هو حزب ديني متطرف، وإذا ما أضيف لها 11 مقعداً لحزب شاس الديني الخاص باليهود الشرقيين والذي لا يخفي كرهه الزائد لكل فلسطيني، والمستعد دائما للانضمام إلى أي حكومة تلبي مطالبه الدينية والمالية، فإن رأس التشدد نتنياهو يكون الأفضل حظا في تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، وهو ما يمكن أن نشهده وإن تأخر بعض الوقت، بعد أن تنفد فرص ليفني وزيرة الخارجية الحالية ورئيسة حزب كاديميا التي فاز حزبها في الانتخابات بفارق مقعد واحد على حزب نتنياهو، فقد حصد حزبها 28 مقعدا، إلا أنها لا تستطيع الاعتماد إلا على 44 مقعداً، بما فيها مقاعد حزبها و13 مقعدا لحزب العمل و11 مقعدا للأحزاب العربية التي لا تنضم عادة إلى أي ائتلاف تقوده الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية.هذه الحسابات ترجح عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية مما يفرض على العرب والفلسطينيين بالذات التعامل مع هذا المتغير، والمسارعة على معالجة الشقاق الفلسطيني، وإنجاز مصالحة فلسطينية تعجل تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تتعامل بقوة مع الاستحقاقات القادمة، وتفرض على القوى الإقليمية والدولية التعامل معها، خاصة في ظل تنامي الرغبة الدولية والأمريكية بالذات في صنع السلام في المنطقة.