عذراً أيها الرجل يا مَن قد تكون.. أبي.. أخي.. ولدي.. زوجي.. عمي.. خالي..
ها قد امتطيت صهوة قلمك الفارس المغوار، وأخذت تطلق سهامه النارية من جعبته هنا وهناك، مطالباً بحرية المرأة وبحقوقها المسلوبة تارة، وبقيادتها للسيارة تارة أخرى، ومساواتها بالرجل وبفرص العمل تارات وتارات، ولنشر صورها على صفحات الجرائد والمجلات فوق ما تخطه يداها وكأنك المحرر والمنقذ الشهم والفارس المغوار الذي يحرر ويخلص تلك الكائنة المستعبدة.. الذليلة.. المنكسرة..! مسكينة هي، كبلوها بأغلال من حديد ونار ولم تدعوها تسوق..؟!
منكسرة هي، أذلوها حينما لم يفكروا بنتاجها العقلي والاقتصادي ولم يدعوها تشتغل ما تريد في شتى صنوف التجارة.. وعلى أهواء من؟.. على أهوائك أنت!
عطلوها، وكيف يعطلون نصف المجتمع؟!
هي إرهابية إن حاولت أن ترشد لبنة المجتمع من فتيات اليوم أمهات المستقبل إلى ما يحبه الله ويرضاه وانتشالهن من وسط الضياع الذي يعشن فيه وسط بعض القنوات الإباحية التي غيّرت مجرى حياة الأسرة المسلمة.
مَن أعطاك الحق بالدفاع عنها؟ من أعطاك صكوك التفويض للمطالبة بحقوقها؟
جميل جداً أن يحن قلبك ويتعاطف قلمك مع تلك الإنسانة التي ذلت وانكسرت وكبلت بأغلال الحديد والنار منادياً بإعطائها حقوقها تارة.. وتارة أخرى منادياً لها بالتحرر المقيت التي تأبى الفطرة السليمة أن تقبله، ولكن الأجمل والأحلى والأسمى من هذا وذاك أن تنظر إليها بعيون عقلانية ربانية بعيدة عن ملذاتك وأهوائك ونزواتك الشخصية.
نعم المرأة.. هي المرأة.. في كل زمان ومكان..
نعم هي تلك المرأة التي تنادي بتحريرها واستقلالها وقيادتها للسيارة، أليست هي تلك المرأة المستعبدة من قِبلك؟!
أليست هي تلك المرأة التي تكد وتتعب، وحينما يأتي وقت قطاف ثمرة الجهد والتعب تأتي أيها الفارس المغوار لتقطف ثمرة هذا الجهد والتعب، تقطفه بيد من حديد ونار، يد لا رحمة فيها ولا شفقة، وإن أبت إعطاءك إياه تصيح وتهدد بالطلاق أو بالزواج؟! أليست هي تلك المرأة التي اخترتها لتكون زوجة لك وأوكلت إليها تربية الأولاد وإن قصرت في شيء بالرغم عنها تكيل لها من الاتهامات الباطلة وتطلق للسانك العنان أن يرغي ويزيد؟! أليست هي تلك المرأة التي تحفظ بيتك وأسرتك في حال حلك وترحالك هنا وهناك باحثاً عن ملذات رخيصة وأهواء طائشة وأحياناً تكون تكاليف السفر من جهد وتعب هذه المسكينة. فعذراً أيها الرجل.. قبل أن تطالب بحقوق الآخرين أعطِ نفسك حقها (وحررها من عبودية الهوى)، حقها الشرعي الذي صانه الله لك وأمرك بصيانته.
أليس الله بأحكم الحاكمين حينما أعطاك القوامة، القوامة المشرقة المشرفة التي تحفظ لك ولزوجك الكرامة والعزة والرفعة، وليست القوامة بتفسيرك الخاطئ لها.
إذاً، وبعد هذا وذاك، والخافي كان أعظم.. مَن يحرر مَن؟! ومَن يستعبد مَن؟! ومَن يطالب بحقوق مَن؟! ومَن يحفظ حقوق مَن؟ فعذراً أيها الرجل، يا مَن قد تكون.. أبي.. أخي.. زوجي.. عمي.. خالي.. ولدي.