الإيجابية مطلب هام وسمة من سمات الناجحين، ومن فقدها فلا شك أنه سيفشل في حياته الخاصة وفي تعاملاته مع الآخرين وسيخرج للمجتمع أبناء وبناتاً فاشلين وفاشلات، ففاقد الشيء لا يعطيه! فالإيجابية مفتاح للنجاح وسبيل للسعادة، والإيجابيون من طبعهم أنهم دائماً يشيعون البِشْر والأنس والأمل فدائماً تجدهم متفائلون يغلبون الرجاء على الخوف وخصوصاً في أحلك الظروف وأقساها، وعكس ذلك في المقابل تجده في السلبيين حيث تجدهم لا يعيشون إلا بالتشاؤم ولا يرون إلا الجانب المظلم من الحياة، فهم سوداويون ظلاميون لا يرون إلا هلاك الناس وضياع الخلق، بل لا يشيعون إلا التشاؤم بين الناس فيدعونهم ليكونوا مثلهم متشائمين!!
والإيجابيون لو تأمل الواحد منا حالهم لوجد أنهم أناس لا يطغى لديهم جانب على جانب فهم يتسمون بالوسطية والواقعية في التعاطي مع هذه الحياة، فهم يتعاطون في السراء والضراء مع من حولهم تعاطياً مثمراً ودائماً تجدهم يدعمون النجاح ويأخذون بأيدي الآخرين للوصول إليه.
علينا أن نشيع الإيجابية بين الناس وذلك من خلال ممارساتها منهجاً وسلوكاً وأن نضمن أحاديثنا وخصوصاً مع الطلاب والطالبات والنشء عموماً أحاديثا ودروسا وقصصا تنمي الإيجابية وتحيي الإبداع وتطلق مكامنه وتحلق بالمرء في فضاءات فسيحة تزيده روعة وجمالاً وبهاء!.
لنأخذ من سيرة إمام الإيجابيين محمد -صلى الله عليه وسلم- هذا المثال في الإيجابية وكل حياته وسيرته إيجابية فندما جاءه شاب يتقد شهوة وحيوية وعنفواناً فطلب أن يأذن له بالزنا فدخل معه -صلى الله عليه وسلم- في أروع صورة من صور الإيجابية والحوار الهادئ، حيث سأله هل يرضاه لأمه وأخته إلى آخر ذلك فأجاب الشاب بأنه لا يرضاه فقال له - صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: وكذلك الناس لا يرضونه ثم مسح على صدره ودعا له، فكانت النتائج مذهلة جداً حيث أقبل الشاب على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحب شيء له الزنا وخرج من عنده وأكره ما يراه الزنا! إنه نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- لم يعنفه ولم يأخذ بتلابيبه بل كان إيجابياً معه حيث حاوره حواراً مثمراً حفته الرحمة والرأفة والأبوة وهنا تمكن الإيجابية!!
في مثل هذه المواقف التي ربما لو حدثت لأحد منا لما تمالك نفسه بل لأنقض على طالب الإذن بمقارفة المنكر بطريقة مجردة من الإنسانية تجعله يتشبث بمنكره ويصر عليه لا حباً لذلك المنكر وتعلقاً به، بل معاندة ومكابرة وانتصاراً للنفس! وهذه في الحقيقة صورة سلبية مرفوضة ساهمت بكل أسف في انحرافات كثيرة في تقديري كان بالإمكان تلافيها بالإيجابية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!.
إن لم يكن الواحد منا إيجابياً فيما مضى من عمره فليتدارك ما بقي من العمر وليمارس الإيجابية مع ذاته قبل كل شيء ومن ثم مع من حوله وخصوصاً زوجه وبنيه ومن هو مسؤول عنهم من موظفين ونحوهم، وكذلك ليعش الإيجابية بمراحلها ولينعم بثمارها اليانعة الرائعة, وجميل أن يتأكد الواحد أن خيراً له أن يكون إيجابياً في هذه الحياة لأن الإيجابية مفتاح النجاح لك وللآخرين.