أقول وبلا تحفظ إن ميزانية هذا العام هي الميزانية المعجزة؛ لأنها جاءت بهذا الزخم الهائل من الأرقام في زمن سقوط الاقتصاد العالمي إلى أدنى معدل من التحفظ والخوف من المستقبل؛ بعكس الميزانية التي جاءت كتفاؤل قوي جداً؛ وهو تفاؤل يبني عليه الشباب القادمون بقوة لخدمة وطن وأمة الشيء الكثير؛ هم يبنون
...أملهم عبر ضخامة الرقم؛ لكنهم لا يعرفون مصيرهم وحظهم في هذا الرقم من حيث التوظيف وكسب قوت اليوم وصناعة المستقبل الذي ينشدون.
فلا نعلم ماذا أعدت الميزانية من أرقام لتوظيف آلاف الشباب والشابات الذين يحملون شهادات من ورق قد اهترأت من قدم الحصول عليها وكثرة تصويرها وحملها في ملف (علاقي أخضر!!) وهم يقفون أمام كل مدير توظيف في قطاع عام وقطاع خاص يتسولون الوظيفة التي تستر الوجه والجاه وتعطيهم قيمتهم في الحياة والعمل.
كثيرون من شبابنا وشاباتنا أصابهم الإحباط والأزمات النفسية من حياة بلا وظيفة، مع وجود مؤهل متخصص؛ لأن الوظيفة اليوم أصبحت بالنسبة لهم مثل (بيض الصعو) الذي يذكر ولا يراه أحد؛ وبعكسهم يجد غير السعودي في هذا البلد الوظيفة وبراتب مغر جداً في القطاع الخاص (إعلانات تنشر في الصحف السورية والمصرية عن طلب موظفين للعمل في معاهد بالسعودية). فعلاً هي حالة تناقض نعيشها هنا وبصورة مرئية ومكبرة جداً؛ يلاحظها من أعطي بصيرة وبصراً.
الميزانية الجديدة بأرقامها الهائلة في زمن الشح العالمي قد تكون حالة انفراج سريع لكثير من سواعد الوطن لكي ترى قيمتها في وطنها وتعيش حياة الرخاء التي تراها فارهة في الشوارع عبر المباني الفخمة والسيارات الثمينة التي يقودها مراهقون وبلا اهتمام بها.
الميزانية الجديدة بأرقامها الضخمة قد تفتح آفاقاً جميلة ومورقة للشباب هنا؛ لكن شريطة أن يتم التصريف بعقل وتعقل وأن تحوّل المكاسب للمواطن أولاً وثانياً وثالثاً؛ ثم ما يزيد لمن يأتي من خارج الحدود.
هل تكون الميزانية الضخمة بأرقامها حالة ابتسام للشباب البائس أم تكون بلا مكاسب لهم؟!!
ما نرجوه أن يكون ترشيد صرفها لصالح الوطن والمواطن أولاً وثانياً وثالثاً.
لدينا عقول كبيرة وماهرة وبارعة في كل المجالات؛ لكنها لا تشجع ولا يتاح لها الفرصة في القطاع الخاص بالذات؛ لأن المسيطرين على التوظيف في بعض الشركات هم من غير أبناء البلاد؛ مع العلم أن الثروات الهائلة والميزات المذهلة هي في القطاع الخاص؛ لكن شبابنا محرومون من ذلك؛ فكيف نجد الحل؟ ومن هو المسؤول عن الحرمان؟
كل من يكتب بحرص وحرقة على وطنه لا يجد إلا وجوها مكفهرة؛ أما المطبل الذي لا يهتم إلا بذاته فهو الذي يفرش له السجاد الأحمر. اللهم فاشهد.
فاكس: 2372911
Abo-hamra@hotmail.com