Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/02/2009 G Issue 13286
الخميس 17 صفر 1430   العدد  13286
أضواء
قبل أن تضيع فلسطين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

أيّاً تكن نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي عُرفت نتائجها، فإنها تتطلّب قراءة دقيقة، قراءة علمية وتحليلية، بعيداً عن الأماني و(النوايا الطيبة) من قِبل الدوائر السياسية العربية، ومن القوى الفلسطينية الفاعلة على الأرض الفلسطينية، وبالذات الفصائل الفلسطينية التي لا تزال تصرّ على انقسامها الخطير الذي يغيِّب التوحُّد الفلسطيني وهو ما يحتاجه الفلسطينيون بشدّة لمواجهة التشدّد الإسرائيلي، بعد أن أوضحت الانتخابات البرلمانية سيطرة أحزاب اليمين، وصعود اليمين المتطرِّف كحزب (إسرائيل بيتنا) برئاسة المتطرِّف ليبرمان الذي يُعادي العرب، ويطالب بطردهم عن وطنهم الفلسطيني، وحزب (البيت اليهودي) الذي يضم المستوطنين.

النتائج النهائية أشارت إلى تقدم حزب ليفني (أكاديميا) 28 مقعداً، متقدماً على حزب نتنياهو (الليكود) 27 مقعداً، وجاء حزب ليبرمان (إسرائيل بيتنا) 15 مقعداً، وحزب باراك (العمل) 13 مقعداً، والحزب الديني لليهود الشرقيين (شاس) 11 مقعداً، وحزب المستوطنين (البيت اليهودي) 7 مقاعد، والتوارة الموحّدة 5 مقاعد، في حين حصلت الأحزاب العربية على 11 مقعداً، وهكذا فقد حصلت الأحزاب الدينية اليهودية وأحزاب اليمين على مقاعد إضافية، ستكون داعمة للتوجُّه اليميني المتشدّد الذي حتماً سيكون المهيمن والمسيطر على أيّة حكومة إسرائيلية. ومع إقرارنا ومعرفتنا بالبرامج والنّهج السياسي للأحزاب الإسرائيلية التي ترتكز على الفكر الصهيوني، وبالتالي لا توجد فوارق سياسية ولا حتى أيدلوجية، فجميع الأحزاب الإسرائيلية صهيونية الفكر، ولها استراتيجية شبه موحّدة في التعامل مع الفلسطينيين، إلاّ أنّ هذه الأحزاب تتنوّع في أساليب تعاملها مع الفلسطينيين، فأحزاب اليسار والوسط .. وحتى وسط اليمين، لا تمانع من إعطاء (فتات دولة) للفلسطينيين من خلال ما يتبقى من أرض فلسطين في الضفة الغربية وغزة، رغم أنهم يماطلون كثيراً، زمنياً وإجرائياً لإقامة الدولة الفلسطينية المشوّهة، ولكن اليمين الإسرائيلي لا يخفي معارضته لإقامة الدولة الفلسطينية، بل إنّ زعيم اليمين الذي (قد يشكِّل) الحكومة الإسرائيلية القادمة زعيم حزب الليكود نتنياهو برغم تخلّفه بمقعد، إلاّ أنّ أحزاب اليمين والدينية التي جمعت 64 مقعداً مقابل 56 مقعداً للوسط واليسار سترشح ليفني لتشكيل الحكومة.

وإذا ما استطاع نتنياهو تشكيل الحكومة الإسرائيلية من كتلته الانتخابية (اليمين المتشدّد، واليمين، والأحزاب الدينية)، فعندها سيعمل على دفع أفكاره السياسية الخاصة بالتعامل مع الفلسطينيين والتي تتركّز على محورين، أولهما ترك فكرة إقامة دولة فلسطينية مع الاتجاه إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين اقتصادياً..!!

أما المحور الثاني فهو السعي إلى نقل أفكاره السابقة التي تتمحور حول (الخيار الأردني) الذي يقترح ضمّ الضفة الغربية إلى الأردن وضمّ قطاع غزة إلى مصر، وهذا يعني عملياً أنّ الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو ستعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وحتى (شطب) فلسطين كدولة من خلال تقسيم الأرض والشعب، وهو للأسف الشديد ما يكرِّسه الانشقاق الفلسطيني الذي أوجد ما يمكن اعتباره واقعاً معاشاً بوجود حكومتين فلسطينيتين، مما يفرض على الفلسطينيين أن يقرأوا بتمعُّن نتائج انتخابات إسرائيل عسى أن يدفعهم إلى إعادة اللّحمة للبيت الفلسطيني قبل أن تضيع فلسطين.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد