أجد الكثير من المثقفين والباحثين، بل وحتى بائعي الكتاب يتبرمون من الحالة المزرية - حسب قولهم - للكتاب والقراءة، ويقولون إن الكتاب يمر بأسوأ حالاته عبر التاريخ، وهذا كلام لاشك في صحته، وقريب من حديثهم حديث الصحفيين من أن الصحف الورقية لن تبقى طويلاً أمام هجوم الصحافة الإلكترونية.
هذا ما يقوله هؤلاء وأولئك، لكن المتأمل في كلامهم يجد أنه لا يخلو من مسحة تشاؤم، وبعد عن الواقع، ولعلي أقول كلاماً ليس كله تفاؤلاً (أو أحلام يقظة) كما لا يحلو للبعض الآخر.
الكتاب واجه هجمة شديدة مع ظهور المذياع أثرت عليه، ثم عاد الكتاب، لوضعه، ومثله لما خرج التلفاز (أو الرائي كما يقول علماء اللغة وأعضاء مجمع اللغة)، وكذا لما أطلت علينا الفضائيات كثر الصياح على الكتاب، لكن الكتاب يخسر جولة أو جولات ثم يعود إلى مكانته المعروفة أو قريباً منها، وأما مع ظهور النت فيجب أن لا يقال نفس الكلام؛ لأن البحث في النت هو في المحصلة النهائية قراءة.
ما نجده اليوم من انحسار لموجة الكتاب والقراءة هو جزر مؤقت سيعود الكتاب إلى وضعه الطبيعي أو قريباً منه لكنه لن يختفي. الكتاب وجوده في الرف وبين الأيادي وضع له روحانية خاصة وطبيعة لا يمكن أن تزول بسهولة.
وإن كنت أجد هذه الأيام مهرجانات لتنشيط القراءة هنا وهناك في بلادنا الغالية وأماكن أخرى كلها في خندق الكتاب والقراءة.
ومثل ما سبق ينطبق على الصحافة الورقية التي لن تخسر المعركة أمام الصحافة الإلكترونية بسهولة، بل هي معركة انتصرت فيها الصحافة الإلكترونية، مع أن الصحافة الورقية لن تستمر منتصرة، بل هي حرب لا تؤمن بانتصار طرف واحد!!
للتواصل فاكس - 2092858
tyty@gawab. com